مصادر المعرفة في المذاهب الفلسفية
مصادر المعرفة في المذاهب الفلسفية
تعددت المذاهب نتيجة تعدد مصادرها المعرفية، فنجد “المذهب العقلي” الذي يرى أن العقل وحده هو مصدر المعرفة اليقيني مستقلًّا عن الحِس، ومن أهم أركان ذلك المذهب قولهم إن هناك معارف قبلية يولد بها الإنسان؛ وعلى النقيض نجد “المذهب الحِسي” الذي يرى أن كل معارفنا مستمدة من التجربة وحدها، حيث يولد الإنسان وعقله عبارة عن صفحة بيضاء خالية تمامًا من أي معرفة؛ وفي الوسط بين المذهبين السابقين نجد “المذهب النقدي” الذي يرى أن المعرفة تتم بالحِس والعقل معًا، فالمعطيات الحسية تدخل العقل منفصلة ومشتَّتة، ويتم الربط بينها عن طريق العقل وحده من خلال المعارف القبلية الموجودة فيه.
كما نجد “المذهب الحدسي أو الصوفي” الذي يرى أنه لا يمكن أن يتوصل إلى الحقيقة المطلقة بالعقل أو التجربة، حيث يرى أنصاره أن المعرفة اليقينية تنقدح في النفس مباشرةً وليس من خلال وساطة من نظر واستدلال، وأنه بالبصيرة والكشف الصوفي يمكننا إدراك ما يعجز عنه العقل، فيعطون الحدس مجالًا خاصًّا يتعلق بالميتافيزيقا (الغيبيات)، ومجالًا خاصًّا للعقل والتجربة يتعلق بالمادة؛ وأخيرًا نجد “المذهب البراجماتي” الذي يرى أن المعيار الوحيد للحقيقة هو ما يترتَّب عليها من ثمار وآثار، وأن صحة الأفكار تقاس بما يترتب عليها من منفعة.
ومن الملاحظ أن كل مذهب من المذاهب السابقة قد حصرَ المعرفة في مصدر واحد، أو اعتمد مصدرًا رئيسًا واحدًا، وجعل المصادر الأخرى ثانوية، فضيَّقوا بذلك مصادر المعرفة.
ولما كانت المعرفة التي يدعو إليها الإسلام معرفة شاملة، فقد كانت وسائل تحصيلها متنوعة، ولم يحصر الإسلام المعرفة في مصدر واحد كما فعل أصحاب المذاهب الفلسفية، ورغم تنوع مصادر المعرفة في الإسلام فإنها متآلفة ولا تتعارض فيما بينها.
الفكرة من كتاب