مشكلة الشر
نرى جميعًا أن هذا العالم مليء بالشر، وينقسم هذا الشر إلى نوعين، النوع الأول: هو “الشر الأخلاقي” الناتج عن البشر أنفسهم كالتعذيب والقتل والحروب والإبادات الجماعية وغيرها، والنوع الثاني: هو “الشر الطبيعي” الذي لا يد للإنسان فيه، كالزلازل والفيضانات والأعاصير والأمراض وغيرها، وهذه الشرور الموجودة في عالمنا -في ظاهرها- تطعن في كون الإله الخالق متصفًا بالخيرية والرحمة، ومن ثَمَّ لا بدَّ من وجود مبرر لهذا الشر الموجود في العالم.
ومن المبررات القوية لوجود الشر وعدم تعارضه مع خيرية الإله، أن الإنسان يتمتع بـ”الإرادة الحرة”، فالله قد منح البشر القدرة على الاختيار بين فعل الخير وفعل الشر، ومن دون الإرادة الحرة والقدرة على الاختيار؛ فإن الإنسان يتحول إلى “إنسان آلي” لا إرادة له، ومن ثم يكون مجبولًا ومجبرًا على كل شيء، وبناءً على ذلك فوجود عالم يعيش فيه البشر بإرادتهم الحرة ولديهم قدرة على الاختيار بين الأفعال -وإن كانت تؤدي إلى بعض الشرور- لهو أفضل من عالم يكون فيه جميع البشر كالإنسان الآلي مجبرين على أفعال محددة سلفًا تخلو من أي إرادة حرة، ومبرمجين على فعل الخير فقط.
لذا فإن من أهم تبعات امتلاك الإنسان الإرادةَ الحرة والقدرة على الاختيار هو قدرة الإنسان على اقتراف الشر، فلولا وجود تلك الحرية في الاختيار بين فعل الخير أو الشر لم نكن لنستطيع أن نصف أي فعل من أفعالنا وقتها بأنه فعل أخلاقي، لأن وصف الفعل بأنه أخلاقي أو غير أخلاقي راجع إلى قدرة الإنسان على الاختيار بين أن يفعل أو لا يفعل.
الفكرة من كتاب الفلسفة.. الأسس
يعتمد هذا الكتاب على عرض بعض المسائل الفلسفية بأسلوب يعتمد على “الموضوع”، بدلًا من الاعتماد على السرد التاريخي للفلسفة، وهو يهدف من وراء ذلك إلى تزويد القارئ بأدوات التفكير في القضايا الفلسفية، ليقوم بعد ذلك بالتفكير والتفلسف بنفسه، وترجع أهم أسباب الحاجة إلى دراسة الفلسفة إلى كونها متعلقة بالنظر في مسائل أساسية في الحياة، كتلك المتعلقة بـ”الوجود”، ولماذا نحن هنا؟ وهل هناك إله خالق لهذا الكون؟ وهل يوجد معنى وغاية من حياة الإنسان أم أنها بلا غاية وبلا معنى؟ فالفلاسفة يهتمون بفحص مثل تلك المسائل والقضايا التي لا يعيرها غالبية البشر أي اهتمام، هذا الفحص الذي يبين لنا الأساس الراسخ لبعض القضايا، والأساس الرخو للبعض الآخر.
مؤلف كتاب الفلسفة.. الأسس
نيغيل واربورتون : كاتب وفيلسوف بريطاني، حصل على درجتي البكالوريوس من جامعة بريستول والدكتوراه من جامعة كامبريدج، وقد شغل منصب كبير المحاضرين في الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة حتى عام 2013.
له العديد من الكتب الموجهة لغير المتخصصين، وقد تُرجمت له إلى اللغة العربية عدة كتب، أبرزها:
مختصر تاريخ الفلسفة.
التفكير من الألف إلى الياء.
حرية التعبير: مقدمة قصيرة جدًّا.