مشكلات تواجه المتفوقين
مشكلات تواجه المتفوقين
يرى بول ويتي أن الأطفال المتفوقين يعانون نفس مشكلات أقرانهم، إضافةً إلى صعوبات خاصة بهم، ويقابلون تلك الصعوبات في ثلاثة أماكن: المنزل، والمدرسة، والشارع، وقد يعاني الطفل داخل أسرته اللامبالاةَ من قِبل الوالدين، وهي أخطر مشكلة يمكن أن يتعرض لها الطفل المتفوق، وتشكِّل عبئًا نفسيًّا ثقيلًا، فقد تكون اللامبالاة بسبب غياب الوعي بقدرات الطفل أو التلهي عنها بمشاغل الحياة اليومية أو خشية التمييز بين الإخوة وإثارة الحزازات بينهم، أو الخوف من أن يفلت زمام الأمور من بين أيديهما.
وقد يهمل الآباء مواهب أطفالهم عن عمد ويعمدون إلى السخرية منها والتقليل من شأنها نتيجة لضيق الأفق، كما أن الأساليب التربوية الخاطئة والرغبة في السيطرة والحماية الزائدة تحول دون استقلالية الطفل وإطلاق قدراته، وأضف -عزيزي القارئ- إلى هذا مشكلة الفقر وعدم توافر الإمكانات لتلبية احتياجات الطفل المعرفية، والعكس من ذلك قد يبالغ الآباء في تقدير موهبة الطفل فيتعجلون بدفعه إلى ما لا يتحمله وربما جعلوه أداة لتحقيق ما عجزوا عنه!
لو مر الطفل بسلام من العوامل الأسرية التي قد تعيقه فقلما يسلم من مشكلات المدرسة والتعليم النظامي؛ فالمناهج لن تشبع نهمته للعلم والأساليب التقليدية في التدريس لن ترضي ميوله، والمدرسة هي آلة لطرد الإبداع وليس لجذبه كما يُظن فيها، فيصاب الطفل بخيبة الأمل، فإذا خرج إلى الشارع لاقى العنت في تكوين علاقات سوية مع أقرانه لتفاوت القدرات العقلية بينه وبينهم، مما قد يجرُّه لتصنُّع الغباء معهم، أو يكونون هم من ينئون عنه أو يشعرون تجاهه بالغيرة، وفي أحسن الأحوال يتخذونه قائدًا وأبًا فتفقد العلاقة اتزانها وتلقائيتها، فإذا استعاض عنهم بالأكبر سنًّا شقَّ عليه التكيُّف مع الفوارق الجسدية والاهتمامات العمرية؛ فيحس بالغربة ويميل إلى العزلة.
ومع ذلك يبقى أن نبين أن المتفوقين عقليًّا يجيدون تخطي الصعاب والتعامل معها، وبعضهم لديه القدرة للتكيف في أحلك الظروف، فليس الأمر بتلك السوداوية التي قد تُطل من بين السطور.
الفكرة من كتاب المتفوقون عقليًّا
لم تكن رعاية المتفوقين وأصحاب القدرات الخارقة ترفًا من الفكر أو نفلًا من العمل بل واجب تربوي ضروري لتحسين المجتمع، ومسألة جوهرية في أي نظام تعليمي يهدف إلى تخريج الكوادر والكفاءات. لكن ما معنى التفوُّق العقلي؟ وكيف نكتشف المتفوقين؟ وكيف نضع برامج مناسبة لرعايتهم يمكن تطبيقها بمرونة واحترافية وتحديد دور الأسرة والمدرسة والمتخصصين فيها؟ في هذا الكتاب يُسلِّط المؤلفان الضوء تجاه تلك الأسئلة وغيرها، محاولَين التوفيق بين الإجابات المتعددة لها.
مؤلف كتاب المتفوقون عقليًّا
د. عبد الرحمن سيد سليمان: أستاذ ورئيس قسم التربية الخاصة بجامعة عين شمس، تخرَّج في الجامعة عام 1974 ثم خلال عامين اجتاز دبلومة الصحة النفسية والتربية الخاصة، قبل أن ينال درجتي الماجستير والدكتوراه.
له إسهامات عديدة في مجال تربية الأطفال والمراهقين، ومن أبرز مؤلفاته: “مناهج البحث التربوي”، و”الذاتوية.. إعاقة التوحد لدى الأطفال”.
د. صفاء غازي أحمد: كاتبة وأكاديمية مجتهدة، تدرَّجت حياتها المهنية من الخدمة بوزارة التربية والتعليم إلى مدرس مساعد بكلية التربية جامعة عين شمس إلى أستاذ مساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك سعود، ودرست في كلية الآداب قسم علم النفس، ثم حازت بعد تخرُّجها أربع درجات علمية شملت دبلومتين تربويتين وشهادتي الماجستير والدكتوراه. ومن أبرز مؤلفاتها: “المرجع في التربية الخاصة”.