مشروع إسلامية المعرفة
مشروع إسلامية المعرفة
إن أوجز ما يوصف به عمل المعهد العالمي للفكر الإسلامي، هو أنه يسعى إلى تقديم مشروع معرفي عنوانه: “مشروع إسلامية المعرفة”، وتُلخِّص هذه الكلمات الثلاث طبيعة المهمة التي أُنشئ من أجلها المعهد، فهي مشروع بما في معنى المشروع من دلالات واسعة تشمل: الشروع أي البَدء من منطلق مُخطط له، والطموح لإنجاز مهمة كبيرة، والأمر المشروع هو الذي تقره الشريعة ويأخذ حكمًا شرعيًّا بين الوجوب والندب والإباحة، كما توحي الكلمة بما في معنى المشروع من إمكانية النمو والتطور، إسلامية المعرفة إذن- وَفق المؤلف- عملية مستمرة النمو، وليست مقولات ثابتة مُحدَّدة، وهي إسلامية نسبةً إلى الإسلام، وتأكيدًا لهوية وانتماء هذا المشروع إلى الدائرة الحضارية الإسلامية.
قديمًا لم تكن كلمة إسلامية تتصدَّر عناوين مؤلفات المسلمين الأوائل، لأنها كانت بداهةً صادرة عن النظام الاعتقادي للإسلام، ومبادئه المعرفية، ولكن لما أضحى الإسلام غريبًا في أرضه، أصبحت هناك حاجة إلى مثل هذا التأكيد الذي لا يمثِّل مجرد شعار، بل قيمة تعني الالتزام بضوابط المعرفة في الإسلام، أما المعرفة فهي إدراك الشيء بتفكُّر وتدبُّر، وهي محاولة اجتهادية للوصول إلى حقائق الكون والوحي، دون الجزم بأنها تمثل الحقيقة الكاملة، ولذلك فهي نسبية، وليست تامة كعلم الله، فهي دائمًا ما تكون ناقصة، وقاصرة تبعًا لقصر نظر الإنسان ومحدودية إدراكه وقدراته، وعليه فإن إسلامية المعرفة مشروع ممتد وطموح يسعى إلى إنتاج معرفة بشرية مبنية على فهمٍ صحيح للإسلام، وحقائقه الإيمانية المتشعِّبة، وسنن الله الكونية، مع الاعتراف بنسبية العلم البشري في مقابل إطلاقية علم الله.
الفكرة من كتاب مقالات في إسلامية المعرفة
أدَّت تراكمات الاستعمار الأوروبي لشعوب وبلدان العالم الإسلامي إلى تغريب ثقافة هذه الشعوب، وجعلها منفصلة عن أي سياق تاريخي أو ديني أو جغرافي محلي، وهيمنت بفكرها الوافد على شتى مظاهر حياته ومعرفته، مُحاولةً أن تجعل منها نسخة باهتة من نمط الحياة الأوروبي، فأصبح يُنظر بعين الريبة والشك إذا أُدخل مصطلح إسلامي إلى أي شيء! فإن الزي الإسلامي، والآداب الإسلامية في الطعام والشراب ودخول المنزل والخروج منه يعد المتمسِّك بها تقليديًّا وضد الحداثة، ويرفض التقدم!
وإزاء ذلك ظهرت حركات تنادي لا بأسلمة نمط الحياة فحسب ولكن بأسلمة العلوم والمعارف المختلفة الاجتماعية منها والطبيعية، وجعلها أكثر قربًا من واقع المسلمين المُعاصر بعمقه التاريخي والحضاري، ومستمدة من الوحي مصدرًا للمعرفة إلى جانب العقل، آخذة في الاعتبار ما في التراث الإسلامي من اجتهادات تستحق النهل منها لا من الغرب وحسب.
مؤلف كتاب مقالات في إسلامية المعرفة
فتحي حسن ملكاوي: أستاذ جامعي متخصص في العلوم التربوية، وبخاصةٍ من منظور إسلامي، ولد في الأردن عام 1943، وعمل بعد حصوله على البكالوريوس في الكيمياء والجيولوجيا من جامعة دمشق، في وزارة التربية والتعليم الأردنية خلال الفترة من عام 1966 حتى 1978، ثم بعد حصوله على الدكتوراه في التربية من جامعة ميشيغان الأمريكية عمل في التدريس الجامعي في كلية التربية وكلية الشريعة بجامعة اليرموك بالأردن في الفترة من 1984 حتى 1996؛ ليتفرغ بعد هذا التاريخ للبحث والتأليف في إسلامية المعرفة، وإدارة المشروعات المختلفة للمعهد العالمي للفكر الإسلامي.
له عدة مؤلفات، منها: “منظومة القيم المقاصدية وتجلياتها التربوية”، و”نصوص من التراث التربوي الإسلامي”، و”البناء الفكري: مفهومه ومستوياته وخرائطه”، فضلًا عن عددٍ من الأعمال المُحرَّرة منها على سبيل المثال: “نحو نظام معرفي إسلامي”، بالإضافة إلى العديد من الدراسات المنشورة، كما تُرجمت بعض مؤلفاته إلى اللغة الإنجليزية.