مستويات الوعي
مستويات الوعي
تُعد الأنا الموجودة بداخلنا متعددة الأجزاء، كمَا أننا نمتلك أيضًا شخصيات فرعية تحتاج منّا إلى أن نكتشفها، فنحن نتلبّس شخصيات معيّنة بسمات معيّنة ونتعامل مع كلّ موقف وفق تلك السمات التي تلبّسناها فقط، لأننا نخاف بشأن حقيقتنا الفعلية المدفونة، بل ونعتقد أن الآخر سيتركنا لو ظهرت هذه الحقيقة على السطح، على الرغم من أنّ الوعي يكمن في اكتشاف هذه الشخصيات الفرعية، وهو يتطوّر على ثلاثة مستويات: مستوى الإدراك، ومستوى اختبار أو معايشة الأنفس والشخصيات المختلفة، ومستوى تطوير الأنا الواعية.
فالإدراك هو الذي يمثل القدرة على شهود الحياة بكل جوانبها دون حكم أو سيطرة، لأن لحظة الوعي هي لحظة انفصال غير عقلانيّة ولا عاطفيّة حتى، إنما تعتبر نقطة مرجعية، فالشخص الذي يعيش لحظة الإدراك لا بد أن يكون كالمشاهد الصامت الذي يلاحظ الأمور بشكل موضوعيّ ولا يحاول الحكم على النّفس بأي شيء، بل يكون فقط متأمّلًا للحظة اليقظة، أما المعايشة فهي تلك اللحظة التي يعيشها رجل غاضب بشدّة، وبدلًا من أن يصرخ كالعادة، توقّف ليستمع لصوت غضبه بشكلٍ واعٍ، حتى يُدرك حقيقة الموقف بطريقة غير عاطفيّة، مما جلعه مدركًا لأبعاد الموقف ومنفصلًا عنه. وبالنسبة إلى الأنا الواعية، فتعد الأنا متخذ القرارات ومستقبل المعلومات، وكلمَا كانت مدركة للشخصيات الفرعية كشخصية الحامي أو المبهج أو المسيطر أو الكمالي أو الناقد، سوف تكون أكثر نضجًا ووعيًا.
فالطبيب الذي يساعد الفقراء مثلًا، يجعل الناس يكنّون له الاحترام ويلقون على مسامعه كلمات التبجيل، وتتميّز الأنا لديه حسب منهجها بالإيثار، فهو رجل مسؤول ويمتلك جزءًا روحانيًّا متدينًا قادرًا على الإفراط في العطاء، ولكن.. ماذا لو تمعّن قليلًا كي يكتشف أن لديه نفسًا توَّاقة للتعظيم وأنه صاحب هيمنة، بيد أنّ الأمر لا يستدعي الشعور بالذنب ولكنه يستدعي التحكّم بالقرارات والمشاعر وقبول العلاقات المتداخلة في النفس، وعدم الشعور بالسوء حيال ذواتنا المتعددة كي لا تنقلب ضدنا وتنعكس على السطح.
الفكرة من كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
متى كانت المرّة الأخيرة التي تحاورتَ فيها مع ذاتك؟ بالطبع يا صديقي ستُصدم من سؤالي، لأننا لا نتحاور مع ذواتنا أصلًا، على الرغم من أن منهج الحوار مع النّفس أحد أقوى الأدوات الموصلة إلى النضج الشخصي، وهو وسيلة لتحسين الوعي، إذ إنّه يساعدنا على استكشاف أعماقنا وشخصيات الظلّ المنبوذة بداخلنا. وهذا الكتاب سيُعلِّمنا معنى التحاور مع الذات وكيفية الكشف عن الأنفس المتعددة.
مؤلف كتاب فنّ احتواء الذات.. دليلك العملي لفهم نفسك والاستماع إلى أصواتك الداخليّة
د. هال ستون: عالم نفس سريري وُلِد عام 1927، تخرّج في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس عام 1953، وتوفي في شهر مايو عام 2020.
د. سيدرا ستون: وهي زوجة الدكتور هال ستون، وُلدت عام 1937 في بروكلين، نيويورك، بالولايات المتحدة.
ومن مؤلفاتهما:
Partnering: A New Kind of Relationship
The Shadow King: The Invisible Force That Holds Women Back
معلومات عن المُترجِمة:
داليا هشام سباعي: كاتبة مصرية الجنسيّة مهتمة بمجال الترجمة، ومن ترجماتها: الدماغ الليلي.