مستقبل الصحافة
مستقبل الصحافة
إنَّ تراجع قراءة الصحف والمجلات المطبوعة مقابل زحف الإعلام الإلكتروني، ولأسباب أخرى يُعدُّ موضع بحث من قِبل الكثيرين، وظهرت تنبُّؤات بموت الصحافة! وقد كتب صحفيان أمريكيان مقالًا طويلًا تحوَّل إلى كتاب بعنوان “موت وحياة الصحف الأمريكية العظيمة”، وقام صحفي فرنسي بدراسة تحت اسم “نهاية الصحف ومستقبل الإعلام”، ففي استطلاع للرأي في الشارع الأمريكي توقَّع ٦٥٪ من المشاركين باختفاء الصحافة في غضون عشر سنوات، وقد انخفضت مبيعات الصحف في أمريكا بنحو ٢.٦ مليارات دولار في عام ٢٠٠٩م، وفقدت المجلات الأسبوعية نحو ١١ مليون قارئ بحلول عام ٢٠٠٤م مع فقر في المحتوى الذي تقدِّمه، وأعلنت صُحف أمريكية محترمة منها “لوس أنجلوس تايمز” إفلاسها، وحتى الصحف ذات الاستقرار المادي نسبيًّا قلَّلت عمالتها، فضلًا عن نقص المساحات التي تغطيها وعدد المكاتب التابعة لها، بل إن جريدة عملاقة مثل “نيويورك تايمز” تناقص عدد قرائها بعد زيادة ثمنها بمقدار الثُّلث، واضطرت إلى تسريح مئتي عامل وتقليص نفقاتها بعد خسائر قدرها ٥٧.٨ ملايين دولار على أثر الكساد الاقتصادي في ٢٠٠٨، وعليها ديون بأكثر من مليار دولار، وليست صحافة أوروبا أفضل حالًا من أمريكا، وقد أدى ظهور التلفاز ثم دخول الإنترنت إلى تراجع أرباح الإعلانات في الصحف من ٢٦٪ عام ١٩٩٠ إلى ١٠٪ في يومنا الحالي.
لكن يختلف الوضع في دول آسيوية؛ فالصحيفة الكبرى في اليابان توزِّع ١٤ مليون نسخة يوميًّا، ومجموع المبيعات اليومية وصل إلى ٥٣ مليون عام ٢٠٠٤، يعني ٦٢٤ صحيفة لكل ألف مواطن، وهو ما يساوي أرقام الولايات المتحدة مرتين ونصفًا، وتبلغ مبيعات الجرائد في الصين ١٠٧ ملايين نسخة، و٩٩ مليون في الهند، ومن أفضل ١٠٠ صحيفة تمتلك آسيا ٧٤ منها، ويحلِّل الكتب الموقف السيئ للصحف الغربية لأسباب أخرى بجانب منافسة الإنترنت والإعلام المرئي منها ارتفاع سقف التوقُّعات للأرباح، الأمر الذي يؤدي إلى تسريح العمالة وتقليل المراسلين، وبالتالي تقل جودة التغطية الإعلامية، ما أفقدها ثقة القارئ، وسبب آخر لا يمكن غض البصر عنه أنه بينما يتسع مجتمع الأقليات بشكل ملحوظ فما زال اهتمام الصحافة بهم شبه معدوم.
وكذلك فإن غياب تأثير الصحافة في القرارات السياسية والاقتصادية غير الانطباع المنقدح في ذهن كل قارئ بأن الصحافة مستقلة، كما أن غزارة الصحف المجانية واستحواذها بفئة الشباب كان على حساب الصحف المدفوعة.
الفكرة من كتاب المال والكلمات (تجارب في التمويل الثقافي)
يناقش أندريه شيفرين في هذا الكتاب مظاهر التحوُّل في عالم الكلمات في السنوات الأخيرة، ويرصد الأحوال الطارئة على دور النشر والسينما ومتاجر الكتب والصحافة والمآلات التي قد تصير إليها بحس خبير في عالم النشر والكتب والإعلام وعقلية مدركة لمساوئ الرأسمالية وأضرار التكنولوجيا على الحراك الثقافي والإعلامي، وهو تتمَّة لكتابه السابق “عالم أعمال الكتب” الذي لاقى ردود فعل متباينة، ورغم أنه يتناول التغيرات الثقافية في قطعة صغيرة من العالم؛ في أمريكا وبعض أوروبا، فإن الوضع في العالم العربي مشابه إن لم يكن أسوأ، بل ربما ما زال مثقَّفوه لم ينتبهوا لوجود مشكلة من الأساس أو لم يحرِّكوا حيالها أي ساكن يظهر أثره.
مؤلف كتاب المال والكلمات (تجارب في التمويل الثقافي)
آندريه شيفرين : وُلِد شيفرين عام ١٩٣٥، ودرس في جامعتي ييل وكامبريدج، وهو كاتب فرنسي أمريكي ذو توجُّه اشتراكي مناهض للشيوعية، عارض الغزو السوفييتي لتشيكوسلوفاكيا وحرب الولايات المتحدة في فيتنام، وعمل لمدة ثلاثين عامًا ناشرًا لـ«Pantheon Books»، ثم أسَّس في عام ١٩٩٢ مؤسسة «The New Press» غير الربحية، لمعارضته الاتجاهات الاقتصادية التي منعته من نشر الكتب الجادة التي يرى وجوب توفيرها، وكانت أزمة النشر الغربي على رأس اهتماماته، وقد مُنِح شيفرين وسام جوقة الشرف من الحكومة الفرنسية عام ٢٠١١، وتُوفِّي بعدها بسنتين بسرطان البنكرياس.
من مؤلفاته:
– The Business of Books: How the International Conglomerates Took Over Publishing and Changed the Way We Read.
– A Political Education: Coming of Age in Paris and New York.