مستقبل البنج
مستقبل البنج
يحاول الإنسان طوال الوقت التنبؤ بالمستقبل وإدراك الغيب، فهل يمكننا التنبؤ بمستقبل البنج؟ وهل يمكن تخيل دواء مثالي ينام به المريض دون المرور بأعراض جانبية؟ فأدوية التخدير الحالية غير مثالية بل منقوصة، فدواء التخدير الوريدي المثالي يجب أن يكون قابلًا للذوبان في الماء، وثابتًا في محلوله، ولا يحتاج إلى إعادة تركيب قبل الاستخدام، ويمكن أن يُخزن لفترات طويلة في درجة حرارة الغرفة، ولا يساعد على نمو البكتيريا ولا يحتاج إلى إضافات أخرى وبسعر مناسب، كما يجب أن يكون سريع المفعول، فبمجرد الحقن يؤتي مفعوله، وكذلك يجب ألا يتراكم في الجسم ويسهل الإفاقة منه، وكذلك يستطيع الجسم أن يتعامل معه بكفاءة ويحوله إلى مواد غير سامة وأن يكون آمنًا على مرضى الكلى والكبد، وألا يكون ذا أعراض جانبية إذا تم حقنه خطأً بالشريان بدلًا من الوريد، وأن يكون مسكنًا جيدًا ومضادًّا للقيء والتشنُّجات ولا يؤدي إلى زيادة ضغط المخ أو زيادة ضغط العين، ولا يؤثر في إنتاج الهرمونات وخاصةً الكورتيزون أو يكون آمنًا على الأطفال والحوامل فلا يسبِّب تشوُّهات للأجنة.
أما المخدر الاستنشاقي المثالي فيجب أن يكون في حالة سائلة في درجة حرارة الغرفة، ولا يتفاعل مع المعادن وأملاح الصودا التي توضع في دوائر التنفس لامتصاص ثاني أكسيد الكربون، وألا يشتعل ولا يساعد على الاشتعال، ولا ينفجر، وكذلك يمكن تخزينه لفترات طويلة، ولا يسبِّب تهيجًا للشعب الهوائية أو زيادة لإفرازاتها، وأن يظهر أثره باستخدام تركيزات ضئيلة، ولا يؤثر في الجهاز العصبي المركزي والمخ ولا يسبِّب التشنجات ولا يثبِّط عضلة القلب ولا يقلِّل من تدفق الدم إلى الشرايين التاجية، ولا يسبِّب تشوهات للأجنة ولا يتفاعل مع أدوية أخرى.
ويُقام العديد من المؤتمرات لزيادة الوعي العام بماهية تخصص التخدير تحت مسمى “طب ما حول العمليات”، ولزيادة الوعي بالمضاعفات التي تحدث جراء الجراحات المختلفة وتوضيح أن الآثار الجانبية التي تحدث بعد العديد من الجراحات أغلبها يكون ردَّات فعل طبيعية تسمى برد الفعل الالتهابي حيث يُفرَز العديد من الوسائط الكيميائية التي تؤدي إلى ردود فعل واسعة على مستوى الجسم، إلى جانب المخزون الفسيولوجي، فكل شخص لديه القدرة على استيعاب النتائج المترتِّبة عن العمليات الجراحية عن طريق زيادة ضربات القلب والتنفُّس وغيرها من الميكانيزمات الأخرى.
والهدف الرئيس لطب ما حول العمليات هو توفير الرعاية الأفضل للمريض قبل وفي أثناء وبعد الجراحة، والمستقبل لا يُبشِّر بتطوير عقاقير جديدة فقط، بل بتطوير أجهزة قياس متطوِّرة ودقيقة أيضًا بهدف توفير مستوى أمان جيد للمريض.
الفكرة من كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
ما الذي يحدث للجسم تحت تأثير المخدر، ومتى ظهر التخدير بوصفه علمًا مستقلًّا، وما طبيعة عمل طبيب التخدير وما يواجهه من تحديات، وهل حقًّا جرعة البنج الزائدة هي السبب في كثير من مضاعفات الجراحات المختلفة كما هو سائد في الأوساط المختلفة؟! وما مستقبل التخدير كعلم وممارسات. يتناول هذا الكتاب علم التخدير وآثاره وطبيعته ومستقبله في محاولة لأنسنة غرفة العمليات، وهذا ما نلقي الضوء عليه هنا.
مؤلف كتاب الإكسير.. سحر البنج الذي نمزج
أحمد سمير سعد: مدرس بقسم التخدير بكلية طب قصر العيني، قاص وروائي ومهتم بتبسيط العلوم، حصل على المركز الثالث في المسابقة المركزية لهيئة قصور الثقافة فرع القصة القصيرة عام ٢٠٠٩، والمركز الثاني في مسابقة لجنة الشباب لاتحاد الكُتاب فرع القصة القصيرة عام ٢٠١٤، وجائزة الشارقة للإبداع عن مجموعته القصصية “ممالك ملوَّنة”.
له عددٌ من الأعمال الأدبية، منها: رواية “سِفر الأراجوز”، و”تسبيحة دستورية” (نص أدبي)، وله مجموعات قصصية للأطفال مثل: “الضئيل صاحب غيَّة الحمام”، و”طرح الخيال”، ومن أعماله أيضًا كتاب “لعب مع الكون”، وهو كتاب في العلوم وفلسفتها نُشر عام ٢٠١٧، بالإضافة إلى عدد من المقالات العلمية والأدبية والقصص المنشورة في عدد من الدوريات والمواقع الإلكترونية.