مستقبل الانحطاط
مستقبل الانحطاط
عندما نتحدَّث عن الحل فإن أول ما يقفز إلى الأذهان هو الحل التكنولوجي، خصوصًا أنه المجال الأقل انحطاطًا في الحضارة الحديثة، وتتعلَّق الآمال بعدة استراتيجيات منها الثورة في الطاقة المتجدِّدة التي ستقلِّل تكاليف الإنتاج، بجانب التقدُّم في الذكاء الاصطناعي خصوصًا بمجال صناعة الروبوتات التي ستقوم بأدوار البشر، إضافةً إلى تزايد تقدُّم علوم الفضاء التي ستسهِّل الرحلات السياحية وكذلك تساعدنا على إيجاد كوكب آخر، إضافةً إلى تقاطع التكنولوجيا مع المجال الطبي لإيجاد حلول ثورية في أمراض كالسرطان والزهايمر والشيخوخة.
ولا يمكن أن يستقر أي حل دون إجراء المزيد من الإجراءات الاقتصادية على الأسواق، لاستيعاب الفئات والطبقات المهمَّشة داخل الأسواق الرأسمالية، قد تكون تلك الإجراءات ذات صبغة اشتراكية لترويض الرأسمالية، أما على المستوى الروحي فالدين يتربَّع على عرش الأولويات، ويتضح تأثيره الكبير خصوصًا عند غيابه، فيضطرُّ الأفراد إلى البحث عن ممارسات روحية جديدة وهي مزيج من فلسفات شرقية ووثنية، والاهتمام بمجال الأبراج والتنجيم، أو حتى العودة إلى الوثنية بشكل كامل أو الحلولية وعبادة الطبيعة.
قد يكون من المفيد أن تنخفض مطامع البشر، ويتوقَّف الشره الاستهلاكي الذي يستنزف موارد الكوكب ويسرِّع من هلاكنا بسبب التغيرات المناخية، وبدلًا من ذلك يتم تهذيب التوقعات وإعادة توزيع الثروات والفرص بصورة أكثر عدلًا لتخفيف الاستقطاب بين الطبقات، ولا تعارض بين كل تلك العوامل المتغيرة، بل إن هناك إمكانية كبيرة في أن تكون بوابة خروجنا من مرحلة الانحطاط عبر تشابك كل العوامل مجتمعة لولادة نهضة حضارية جديدة.
الفكرة من كتاب المجتمع المنحط: كيف صرنا ضحايا نجاحاتنا؟
عند ذكر كلمة انحطاط، يتبادر إلى الأذهان التدهور والفساد الأخلاقي، وانغماس الأفراد في المتع والملذَّات دون معنى أو جدوى، ولكن إذا وسَّعنا أفق رؤيتنا ونظرنا إلى الحضارة في ضوء كلمة انحطاط، فإننا سنضمُّ الجوانب السياسية والاجتماعية والتكنولوجية إلى الأخلاقية، وسنحصل عندها على مفهوم شامل لكلمة انحطاط.
يعني الانحطاط في الحضارة التوقُّف عن التقدُّم بسبب فقدان الطاقة، والعمد إلى استهلاك واستنزاف الموارد الطبيعية بلا هدف واضح، وغرق المجتمع في العبث واللاجدوى، ووقوع المؤسسات في التكرار، ولكن كيف تجمع الحضارة الحديثة بين سمات الانحطاط ومعدلات تقدُّمها؟ وهل يقودنا الانحطاط إلى بداية التأخر والتخلف؟ أيمكننا تفادي تلك الظاهرة أم أنها حتمية؟ وما الذي يمكن أن يمثِّل الحل في الخروج من مرحلة الانحطاط؟
مؤلف كتاب المجتمع المنحط: كيف صرنا ضحايا نجاحاتنا؟
روس جريجوري داوثت: كاتب ومدوِّن أمريكي شهير في صحيفة نيويورك تايمز، الصوت الأكثر شهرة عن تيَّار اليمين المحافظ الأمريكي، كما أن له خبرة سابقة كناقد سينمائي، ومن أهم أعماله: “الدين السيئ كيف أصبحنا أمة من الزنادقة”، و”الامتياز: هارفارد وتعليم الطبقة الحاكمة” .
معلومات عن المترجم:
عبدالمنعم المحجوب: باحث لغوي ومفكر ليبي الجنسية، ولد عام 1963م، تتنوَّع إسهاماته بين النقد الأدبي واللغة والتاريخ والفلسفة والترجمة، وحصل على الماجستير في الفلسفة ثم الدكتوراه من جامعة الحسن بالمغرب، أسَّس واشترك في العديد من الصحف الإخبارية مثل “الجديدة” الثقافية، وله العديد من المؤلفات المتنوِّعة مثل: “قراءات في السلم والحرب”، و”ما قبل اللغة.. الجذور السومرية للغة العربية واللغات الأفروآسيوية”.
وشارك في التأليف: أنس المحجوب.