مساواة أم عدالة؟
مساواة أم عدالة؟
إن قيمة المساواة في بعض المناطق ظُلم، وذلك لاختلاف الخصائص والوظائف، فالرجل والمرأة يستويان في أصل الخلقة، لكنهما يختلفان في خصائصهما وطبائعهما، وبالتالي لا بد من تحقيق العدل لا المساواة، والعدل هو إعطاء كل ذي حق حقَّه، بما يتوافق مع طبعه وخصائصه.
وجميع الدارسات توضح الاختلاف الحقيقي بين الجنسين، فيقول الدكتور جون جراي: “تسبِّب المساواة للرجال كبتًا لجانبهم الذكوري، وللنساء كبتًا لجانبهن الأنثوي! فالمساواة لا تعني التماثل، بل احترام اختلافنا بالتساوي وتقبُّلها بمنظور إيجابي، إذ إن تمسَّكنا بوجهة النظر القائلة إنه يجب أن نكون جميعًا متماثلين؛ لن تُشعرنا بالتعاطف مع نقاط ضعفنا وحاجاتنا المختلفة”.
ومن ضمن دعاوى النِّسوية أن القوامة تجعل طرفًا متصدِّرًا للتعليمات والأوامر، وطرفًا آخر مسلوبًا من كل الحقوق، ما عليه سوى السمع والطاعة! ولكن بالرؤية المتزنة نجد أن هذه الدعوى وقعت في عدة مغالطات، ومنها أن تصوُّر الزواج ضمن المنظومة الإسلامية ليس كتصوُّر الزواج لدى النِّسوية، فمن مقاصد الزواج في الإسلام المودَّة والرحمة، فهناك الانسجام والتوافق، فأمام القوامة النفقة وتوفير الحياة الكريمة، فالأسرة ليست نواة للصراع والتحدِّي، بل هي السكن والطمأنينة.
ومن الدعاوى أيضًا ذكورية الفقه الإسلامي، وأن مصدر الحكم هو جنس الرجل، لكن لو قرأت التاريخ الإسلامي لعلمت ما للمرأة المُسلمة من الدور الكبير في حفظ هذا الدين، والأخذ عن الشيخات والمُعِلّمات، فلو أخذنا أمَّنا عائشة (رضي الله عنها) كمثال وعرفنا كيف كانت الملاذ العلمي لرفع الإشكال عن الصحابة لعلمت باطل تلك الدعوى، هذا بالإضافة إلى قول الإمام الذهبي (إمام الجرح والتعديل): “وما علمتُ في النساء من اتُّهِمَت، ولا من تركوها” فقد أُخذ عن المرأة الأحاديث ولم تكذَّب امرأة قط، هنا ندرك الفارق الحقيقي بين ما تشتغل به المرأة في التاريخ مما يعزُّ دينها، وما تنشغل به المرأة في الواقع المعاصر بمجرد دعوات لا صحة لها.
الفكرة من كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
في العصر الحالي صار الغزو الفكري مُقدَّمًا على كل غزوٍ آخر، فهو الأوفر من ناحية الخسارة والأضمن في تغيير المُستهدف، فيبدأ المُستهدف بالانسياق تجاه العدو بشكلٍ لا واعٍ، وبالتالي يكون عونًا للمُستعمر بعد أن كان هدفًا له، هكذا هي حرب عالم الأفكار!
ومن تلك الأفكار أو الاتجاهات: النِّسوية، والتي ظهرت أمام الوطن العربي تحت مظلة “حقوق المرأة”، وقد صنعت الدهشة الساحرة للكثيرين، حتى صاروا أتباعًا لها دون التمييز بين الحق والباطل.
خلال هذا الكتاب يُبيِّن لنا مؤلفه العوائق الفكرية والمغالطات المنطقية التي وقعت فيها النسويات العربية، وخصوصًا النسويات في المملكة العربية السعودية.
مؤلف كتاب النِّسوية وصناعة الدهشة.. حقائق وعوائق
فهد مُحمد الغفيلي: مُفكِّر وباحث سعودي، مُهتم بالقضايا الفكرية المُعاصرة، وتأثيرها في المُجتمع السعودي، وأهم تلك الأفكار تأثير الحركة النِّسوية.
من مؤلفاته: “الفلسفة السيداوية والنِّسوية السعودية”، و”الزواج المُبكِّر وتحديد سن الزواج”، و”نظرات في المواساة بين الجنسين”.