مسارات جديدة
مسارات جديدة
خشيت قريش أن تشتدَّ شوكة المسلمين المهاجرين في الحبشة فأرسلت مبعوثيها إلى النجاشي لمحاولة صرفه عن حماية وإيواء المسلمين بالحبشة، ولكنها محاولات باءت بالفشل، فقد كان لإسلام حمزة بن عبد المطلب وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) عز ومَنَعَة، حتى وصفه الصحابي ابن مسعود بأنه “فتح”.
أدركت قريش من جديد خطورة الأمر، وارتكزت مقاومتها على إنزال الأذى المباشر بالرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، فسلَّطت عليه ألوانًا من الأذى النفسي والبدني والسب القبيح، وكذا حصار بني هاشم وبني المطلب اقتصاديًّا واجتماعيًّا، وكانت أغرب خطوة اتخذتها قريش وأكثرها تطرُّفًا وقسوة، إذ شمل الحصار حتى غير المسلمين من عشيرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وقد حدث ذلك الحصار في السنة السادسة من البعثة بعد هجرة الحبشة واستمر ثلاث سنوات من المعاناة.
نحَّت الدعوة مسارات جديدة بعد هذه المرحلة بوفاة السيدة خديجة وأبي طالب، ودخلت الدعوة في طور جديد لثلاث سنوات وقعت فيها رحلة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى الطائف بحثًا عن ميدان جديد للدعوة، ورحلة الإسراء والمعراج التي كانت بمنزلة الدعم النفسي والتأييد الإلهي لنبي الله بعد وفاة اثنين من أحب الناس إليه وأكثرهم مساندًة له في دعوته وبعد خذلان ثقيف للنبي (صلى الله عليه وسلم) في الطائف، وكذلك وقع فيها بيعتا العقبة، واستجابت عرب يثرب لدعوة الحق، وحاولت قريش أن تحول بين الدعوة وبلاغها إلى الناس دون جدوى، فلم يزد الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلا إصرارًا على المضي في طريق الدعوة تشد من أزره آيات الوحي الرباني.
الفكرة من كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم: حياته وتطور الدعوة الإسلامية في عصره
ساد الظلام العالم، وتهيَّأت الأرض لاستقبال عطايا السماء والمنحة الإلهية بمنهج رباني ينير للبشرية كافة طريقها ويطمس الجاهلية، ولما كان الأمر عسيرًا على البشرية أن تتغيَّر في يوم وليلة، مرَّ التغيير بمحطات كبرى وصعوبات.
يقدِّم هذا الكتاب السيرة النبوية المطهرة، مستعرضًا أهم مسارات وسُبل الدعوة الإسلامية وما واجهها من صعاب في كل مراحلها، منذ أن كان العالم مظلمًا يسوده الجهل بالله وبالتوحيد الحق إلى أن أشرقت الأرض بنور ربها واستقرت الرسالة الإلهية وكُتب لها الخلود.
مؤلف كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم: حياته وتطور الدعوة الإسلامية في عصره
عبد الرحمن أحمد سالم: مؤلف وأستاذ التاريخ الإسلامي والحضارة بكلية دار العلوم، تخرج في جامعة القاهرة عام 1967 وكُلِّف معيدًا بالقسم نفسه، وحصل على درجة الماجستير عام 1974 في موضوع “التاريخ السياسي للمعتزلة حتى نهاية القرن الثالث الهجري”، ثم أوفد في بعثة دراسية إلى إنجلترا عام 1976 وحصل على الدكتوراه من جامعة برمنجهام عام 1983.
نُشر له: “المسلمون والروم في عصر النبوة”، ويتناول العلاقات الإسلامية البيزنطية ودوافع وأسباب الصراع بين الكيان الإسلامي الوليد والمملكة البيزنطية، وكتاب “الفكر السياسي الإسلامي: قراءة عصرية”، ويناقش إمكانية ترجمة الفكر السياسي في الإسلام إلى نُظم سياسية ومدى صلاحيته.