مساحات التطاول والتزييف
مساحات التطاول والتزييف
إن الإنتاج الأدبي الصهيوني كانت ذروة نشاطه في الفترات التي تحسَّنت فيها أحوال اليهود في أوروبا، وكانت تلك الفترات قد أُعطي اليهود فيها حقوق المواطنة، فنمت خلال تلك الفترة الأفكار التي تأسست عليها القاعدة الصهيونية، وهذه الحقيقة على عكس الادعاء المعروف بأن الاضطهاد الذي عاشه اليهود هو ما جعلهم يشعرون بالتميز، وبالتالي حاولوا استرداد كرامتهم واكتشاف “أرض الميعاد”.
وهذه المُقدِّمة ضرورية لتوضيح رفض اليهود للاندماج بين الشعوب، فقد تولى عدد من الرجال اليهود رفض عملية الاندماج والدعوة إلى التمييز، مما أدَّى إلى أخذ مواقف عنصرية عرقيَّة تُشعر الفرد اليهودي بالتفوُّق، واستخدمت تلك العملية لتبرير وجود إسرائيل.
فجميعنا يعرف أن ظهور الصهيونية السياسية يعود إلى نهاية القرن التاسع عشر، لكن الصهيونية الأدبية بدأت قبل ذلك، فنجدها في أعمال كُتَّاب صهاينة مثل: هيس وبنسكر، وناحوم سوكولوف، وآحاد هعام، وثيودور هيرتزل، وغيرهم.
بدأت تتكوَّن طبقة يهودية متعصِّبة لها امتيازات سياسية واجتماعية واقتصادية، وقد وصل هؤلاء الأفراد إلى مناصب السلطة العليا في عدة دول أوروبية، وقد وصلوا إلى تلك الطبقات بسبب انتشار أفكار الثورة الفرنسية، وبروز بعض القيم مثل المساواة والحرية، هنا بدأ الأدب الصهيوني في اتخاذ شكل جديد تمامًا، سمَّاه الكاتب: “تسييس الشخصية اليهودية”، فخرج عدد من الروايات يعكس هذا الأسلوب الجديد، منها رواية “دافيد آلروي” لبينجامين دزرائيلي، والذي كانت فيه الشخصية اليهودية شخصية صاحبة نفوذ وامتيازات خاصة.
وهذه الرواية تحديدًا تحمل فِكر “فرويد” في “قوة البقاء”، وأن العرق اليهودي هو العرق النقي، ويصف النقاد رغبة دزرائيلي في أن اليهود باختصار: “هم المهيئون الوحيدون لقيادة الكون”.
الفكرة من كتاب في الأدب الصهيوني
لم تظهر الصهيونية بين عشيةٍ وضحاها وسط العرب، فاحتلال الأرض هو المرحلة الأخيرة بعد احتلال كثير من الأشياء أولًا، مثل احتلال الأفكار والأذواق والآراء، حينها يتسع المجال لاحتلال الأرض!
إن الصهيونية قد لعبت دورها في “الأدب” قبل “السياسة”، فبالأدب تستطيع تغيير الأفكار وتزييف الحقائق حتى تقوم سياسيًّا على زيف وباطل دون أن يقف أمامك الكثير، فما كان مؤتمر بال سنة 1897م إلا ولادة الصهيونية السياسية التي مهَّدت لها الصهيونية الأدبية، ولأن كاتبنا مُميَّز بقلمه وعقله، فقد قام بتتبُّع الأدب الصهيوني الذي كُتِب لخدمة حركة الاستعمار سواء من يهود أو متعاطفين معهم لفترات طويلة مُبيِّنًا كيف لعب على الحقائق وزوَّرها ليُخرج أجيالًا مُضلَّلة ثقافيًّا، ترفض الحقيقة، وتُمهِّد للصهيونية أغراضها.
مؤلف كتاب في الأدب الصهيوني
غسَّان كنفاني: روائي وصحفي فلسطيني، وُلد في عكا الفلسطينية عام 1936م، أُجبِرت عائلته على الانزياح إلى لبنان ثم إلى سوريا بسبب الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، عاش في دمشق ثم انتقل إلى الكويت وعمل فيها مُدرِّسًا، وبعد ذلك انتقل إلى بيروت حتى عام 1972م، حيث استُشهِد في انفجار سيارة مفخَّخة على أيدي عملاء إسرائيليين.
كان غسان عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ورئيس تحرير مجلة الهدف، ويعتبر أحد أشهر الكتَّاب والصحفيين العرب في القرن العشرين.
صدر له أكثر من 18 كتابًا، وعدد كبير من المقالات، إضافة إلى إنتاج غير مكتمل، ومن أبرز مؤلفاته:
“أرض البرتقال الحزين”، و”رجال في الشمس”، و”أم سعد”، و”عائد إلى حيفا”.