مزيد من المواد المغيرة للحالة المزاجية

مزيد من المواد المغيرة للحالة المزاجية
ننتقل إلى نوع جديد من المواد المغيرة للحالة المزاجية وهي المهلوسات، ومن أكثر المهلوسات شيوعًا في مصر أدوية الشلل الرعاش أو باركنسون مثل: “الكوجينتول | Cogintol” و”الأكينتون | Akineton” و”الباركينول | Parkinol”، وتحفز هذه الأدوية مركز اللذة في المخ، كما تحدث هلاوس بصرية، ومن هنا تأتي تسميتها الشائعة بالصراصير، لأن المتعاطي لها يرى صراصير على الحائط كنوع من الهلوسة، ومضاعفات هذه الأدوية تتمثل في زيادة ضربات القلب، وجفاف الفم، والإمساك، واحتباس البول، والغثيان، والقيء، وزغللة العين، والتشوش الذهني والعصبي. وبعد المهلوسات تأتي المستنشقات التي تضم غاز ولاعات السجائر، والمنظفات، والبنزين، ومواد الطلاء، والغراء أو الكُّلة، وغيرهم، وعند استنشاق هذه المواد تحدث نشوة وتخفيف للقلق وإحساس بالنشاط في البداية، لكن بعد ذلك ومع الجرعات الكبيرة يحدث فقدان للوعي والتركيز، وغياب تقدير المسافة والوقت، وقد تحدث الوفاة بسبب توقف عضلة القلب أو الاختناق.

وغير المستنشقات توجد الأفيونات التي تضم الأفيون والهِروين والمورفين والترامادول وغيرهم، وكلها مواد تؤثر في مركز اللذة في المخ وينتج عنها إفراز كميات كبيرة سريعة من الدوبامين، بالإضافة إلى تأثيرها في مستقبلات الإندورفينات المختصة في تسكين كل أشكال الألم، وترتفع نسبة الوفاة بين متعاطي هذه المواد خصوصًا الهِروين، بسبب تناول الجرعات الزائدة التي تؤدي إلى هبوط في التنفس وضربات القلب. وتوجد أيضًا المهدئات والمنومات ومضادات القلق، مثل: “البنزوديازيبينات | Benzodiazepines” و”الباربيتورات | Barbiturates”، وعلى عكس المهدئات لدينا المنشطات، مثل “الأمفيتامينات | Amphetamines” والكوكايين، وهذه المواد تُحدِث يقظة وزيادة في الطاقة والحركة والإحساس بالنشوة، وفقدان الشهية، وانعدام النوم، والإصابة بضلالات العظمة، ويصاحب الأعراضَ الانسحابية لهذه المواد اكتئابٌ شديد ورغبة في الانتحار.
ها نحن قد وصلنا إلى أشهر أنواع الإدمان الذي يعد ثاني أكثر سبب للوفاة في العالم، هل عرَفته؟ إنه إدمان التبغ أو النيكوتين، والصورة الأساسية لتدخين التبغ هي السجائر، وتنضم إليها الشيشة والبايب وحديثًا السجائر الإلكترونية، والنيكوتين كغيره من المواد المغيرة للمزاج، يؤثر في مركز اللذة في المخ، كما يتحد مع مواد كثيرة داخل المخ كالدوبامين والسيروتونين و”الأستَيل كولين | Acetylcholine”، فيعمل منشطًا ومُفقِدًا للشهية ومحسنًا للذاكرة والمزاج.. تبدو آثاره جيدة للغاية، أليست كذلك؟! في الحقيقة مقابل هذه الآثار المغرية توجد قوائم طويلة عريضة من مخاطر التدخين وأضراره المميتة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، يتسبب التدخين في جلطات الشرايين، وسرطانات الرئة، وسرطان الدم، وسرطانات الجهاز الهضمي بمختلف أنواعها، والعقم لدى الرجال والنساء، وهو من أهم أسباب الوفاة كما ذكرنا.
الفكرة من كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
المخدِّرات! هذه الكلمة المخيفة التي لا ننطقها في سلام أبدًا، إنها ليست مجرد حروف يرتص بعضها بجوار بعض لتكوّن كلمة، وإنما هي سلاسل وأغلال وسعير تجتمع لتصبح سجنًا أشبه بالجحيم، لنترك مخاوفنا وتخيلاتنا ونذهب إلى العلم ونسأله.. لماذا لا ننطق الكلمة في سلام؟ وماذا تكون المخدِّرات وغيرها من الإدمانات؟ أهي فقط مواد كيميائية أم تمتد إلى أكثر من ذلك؟ ولماذا يلجأ إليها البعض ويلقي بنفسه في التهلكة؟ وما الذي يلقاه المدمن في نهاية إدمانه؟ دعونا نرَ هل الحقائق العلمية مخيفة كما في خيالنا أم سنعرف أشياء مغايرة!
مؤلف كتاب المخدرات والإدمانات الأخرى.. ما هي؟ وما أسباب تعاطيها؟ وما مضاعفاتها؟
د. إيهاب الخراط: استشاري الطب النفسي، تخرج في كلية الطب بجامعة القاهرة عام 1982، وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة «كنت» بإنجلترا، وهو مؤسس مؤسسة الحرية لعلاج الإدمان وإعادة التأهيل ومديرها، وتضم المؤسسة 38 مركزًا علاجيًّا وتأهيليًّا، بالإضافة إلى كونه الرئيس السابق للتجمع العالمي للتعامل مع التعاطي والإدمان الذي يضم أعضاءً من 75 دولة.
من أعماله:
التعافي من الإدمان.. أساسيات المشورة وإعادة التأهيل.