مزيد من العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار
مزيد من العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار
بعد نقطة الارتساء والتوافر والإغراءات واتجاه القطيع تأتي الصفة التمثيلية خامس العوامل المؤثرة في اتخاذ القرار، والصفة التمثيلية ببساطة هي الانطباع الذي نمتلكه عن أمر معين، فمثلًا إذا ذكرت كلمة طبيب يحضر في ذهنك تلقائيًّا شخص يرتدي البالطو الأبيض وفوقه السماعة الطبية، والاحتكام الدائم إلى الصفة التمثيلية والانطباعات المسبقة قد يدفعنا إلى اتخاذ قرارات خطأ في الحكم على الأشياء، ويوهمنا بترابط أشياء قد يكون تزامنها مجرد صدفة. ويلي الصفةَ التمثيلية التفاؤلُ وفرط الثقة سادس العوامل المؤثرة في اتخاذ القرارات،
ويظهر ذلك بأوضح ما يكون عندما نعتاد تأجيل عمل اليوم إلى الغد ظنًّا منا بأن الغد سيكون أفضل وسنكون أكثر تركيزًا، وكذلك فكل المقبلين على الزواج يستبعدون تمامًا أن ينتهي بهم الأمر إلى الطلاق رغم ارتفاع معدلاته، ودائمًا ما تجد ميلًا عامًّا لدى كل الناس إلى الشعور بالحصانة ضد الأزمات والمخاطر والأمراض، ورغم أن ذلك يبدو لطيفًا ويدعو إلى الاطمئنان فإنه يمنع من اتخاذ الخطوات الوقائية المعقولة، والمبالِغ في الأمن تثقل عليه المصائب إذا وقعت.
بهذا نكون انتهينا من عامل التفاؤل وفرط الثقة، فيا ترى هل يوجد مزيد من العوامل التي تؤثر في قراراتنا؟ نعم، فلدينا عامل الربح والخسارة، والحقيقة أن معظم القرارات تؤخذ بدافع تجنب الخسارة أو تحقيق الربح، والجدير بالذكر أن خسارة شيء ما تسبب أسًى ضعف السعادة التي يمكن أن تنالها من ربح الشيء نفسه، وهذا النفور الشديد من الخسارة قد يدفعنا إلى اتخاذ قرارات غير ملائمة ويجعلنا أكثر ميلًا إلى الخمول، وهذا يحملنا إلى العامل التالي من عوامل التأثير في القرارات وهو الانحياز إلى الوضع الراهن والميل إلى إبقاء الوضع على ما هو عليه، وإذا ما اجتمع الخوف من الخسارة مع الانحياز إلى الوضع الراهن، فتأكد أن أي اختيار افتراضي سينال النصيب الأكبر من الرواج.
وها نحن قد وصلنا إلى آخر العوامل المؤثرة في قراراتنا وهو التأطير، ويعني وضع المعلومات في إطار معين لتؤدي غرضًا ما، فمثلًا حقيقة أن نسبة نجاح عمليات القلب تسعون بالمئة يمكن أن تُوضع في إطارين: الأول: أن تسعين شخصًا من مئة أجروا عملية قلب وما زالوا أحياءً. والثاني: أن عشرة أشخاص قد تُوفوا بعدما خضعوا للعملية. وقد اتفقنا أن الحقيقة واحدة، ولكن أترك لك تخيُّل رد فعل المريض إذا أخبره طبيبه بالحقيقة نفسها بكل من الإطارين، هذا هو التأثير الذي نتحدث عنه.
الفكرة من كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
هل تثق بقراراتك ثقة عمياء؟ هل ترفض نصائح الآخرين بدعوى الحرية؟ ماذا لو نبهك أحدهم لأنك تسير في الاتجاه الخطأ أو أن ثمة طريقًا أقصر من الذي تسلكه؟ هل تتجاهل التنبيه وتصر على اتباع مسلكك؟ إذا كانت إجاباتك “نعم” أو حتى “لا” فهذا الكتاب بالتأكيد لك، ولا أريدك أن تنتظر كثيرًا حتى تبدأ رحلتك وتطلع على عالم القرارات والاختيارات والتنبيهات.
مؤلف كتاب التنبيه.. تحسين القرارات بشأن الصحة والثروة والسعادة
ريتشارد هـ. ثالر | Richard H. Thaler: هو اقتصادي أمريكي حصل على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية عام 2017 لمساهماته في الاقتصاد السلوكي، وقد عمل أستاذًا للعلوم السلوكية والاقتصاد في كلية بوث للأعمال بجامعة شيكاجو، وتهتم أبحاثه بإيجاد الصلة بين الاقتصاد وعلم النفس وسيكولوجية اتخاذ القرار. ومن مؤلفاته:
Misbehaving: The Making of Behavioral Economics
The Winner’s Curse: Paradoxes and Anomalies of Economic Life
كاس ر. سنشتاين | Cass R. Sunstein: هو أمريكي متخصص في القانون والاقتصاد السلوكي، عمل أستاذًا في كلية الحقوق بجامعة شيكاجو لمدة 27 عامًا، كما كان أستاذًا بجامعة Robert Walmsley في كلية الحقوق بجامعة هارفارد، وكذلك كان مديرًا لمكتب البيت الأبيض للمعلومات والشؤون التنظيمية في ظل إدارة أوباما منذ عام 2009 إلى عام 2012. ومن مؤلفاته:
Sludge: What Stops Us from Getting Things Done and What to Do about It
Decisions about Decisions: Practical Reason in Ordinary Life
معلومات عن المترجم:
عمر سعيد الأيوبي: عمل بالترجمة لما يزيد على خمسة وعشرين عامًا، وله عديد من الترجمات مثل: “الاستراتيجية التنافسية: أساليب تحليل الصناعات والمنافسين”، و”خرافة التنمية: الاقتصادات غير القابلة للحياة في القرن الواحد والعشرين”، و”الموت الأسود”.