مزيج تاريخي.. العلم الشعبي
مزيج تاريخي.. العلم الشعبي
أكثر ما تقع عليه العين هنا هي أشياء لم تمتد إليها يد الزمن بعد، ويبدو أن الهند في أي مرحلة وفي أي مستقبل، لن تخلو من أثر القدماء، فقد أثبتت الأساطير الهندية قوتها وقدرتها على مناطحة سحر العلم الحديث، فكيف استطاعت تلك الأساطير التعايش والامتزاج بعصر الحواسيب والصواريخ، لماذا لم نشهد هنا الصراع المعتاد بين العلم والأسطورة؟
ربما قبل العصور الوسطى لم يكن غريبًا في معظم أرجاء العالم أن تختلط بعلوم كالفلك والكيمياء معتقدات أخرى مثل التنجيم والخيمياء؛ كان العلماء أقرب إلى الفلاسفة ويستخدمون الكثير من المصطلحات الغامضة والأفكار العجائبية، لكن الغريب هو استمرار نهج كهذا في الهند حتى خمسينيات القرن الماضي، لقد أتت إليهم العلوم الحديثة في حقيبة المستعمر الغاشم، ولم تكن تعني مقاومة هذا المستعمر إلا رفض أفكاره والإصرار على جدارة معتقدات القدماء، بل وتفوقها على ما أتى به الأوربيون.
ظل معظم الهنود مرتبطين بالعالَمَين، فلم يوجد عصر تنويري يتلو العصور الوسطى في الهند، لقد ظلت تلك الأفكار تعبر من ذلك العالم الخيالي إلى العصر الحديث، مما أوحى للعامة أنه لا فرق بينهما على الإطلاق، وكان على الطبقة الوسطى المتعلمة أن تجد سبيلها بين ما خبرته في أروقة الجامعات وما ورثته عن الأجداد، لكنهم لم يندفعوا إلى أي من الجانبين، بل سعوا إلى إثبات علمي لتلك المعتقدات؛ نقبوا طويلًا عن أي تلميح يتشابه مع النظريات الحديثة، وبدت الهندوسية القديمة على وشك الاندثار لصالح مزيج غريب من الأساطير والعلم الزائف.
الفكرة من كتاب أمة من العباقرة: كيف تفرض العلوم الهندية هيمنتها على العالم؟
ظلت الهند ترزح طويلًا تحت ظلمات الجهل حتى انتهبتها يد الاستعمار، لكن العجيب أن أولئك الأسيويين يبرزون الآن في وادي السيليكون وفي شركات الغرب العملاقة، لا يكتفون بالمهام الروتينية ولا يهتمون كثيرًا بتلك المناصب التي يسعى إليها الجميع في أعلى الهرم، لقد خرج بعضهم من البلاد سعيًا إلى عيش أفضل، لكن الكثيرين لم تزل في أذهانهم تلك الصورة من بلاد تطلب منهم يد العون، يبدو أن عصر هجرة العقول على وشك النهاية، وها هي خيالات جديدة تبزغ في الأراضي الهندية، عيون تتطلع إلى القوى العظمى في العالم وتطمح إلى ريادة الواقع بعد أن ملكوا الخيال لقرون.
مؤلف كتاب أمة من العباقرة: كيف تفرض العلوم الهندية هيمنتها على العالم؟
أنجيلا سايني: صحفية ومذيعة وكاتبة بريطانية، وُلدت بلندن عام 1980، درست أنجيلا الهندسة الميكانيكية بجامعة أكسفورد، حيث حصلت على درجة الماجستير، كما عملت كاتبة متخصصة في العلوم والتقنية، ونشرت العديد من أعمالها في مجلات بي بي سي، والجارديان وإيكونوميست، من أعمالها:
Inferior: How Science Got Women Wrong—and the New Research That’s Rewriting the Story
The Patriarchs: The Origins of Inequality
Superior: The Return of Race Science
معلومات عن المترجم:
طارق راشد عليان: كاتب ومحرر ومترجم مصري، عمل مع العديد من المؤسسات الثقافية العربية، مثل المركز القومي للترجمة، ومشروع “كلمة” أبو ظبي، من أعماله:
إمبراطور الأمراض، لسيدهارتا موخيرجي.
فن الحرب القديم، لهاري سايدبوتون.
فلسفة الرياضة، لستيفن كونور.