مركزية النفط وبداية التبعية الأمريكية
مركزية النفط وبداية التبعية الأمريكية
النفط عامل شديد التأثير في الاقتصاد الأمريكي، فكل ركود حدث في الاقتصاد منذ الحرب العالمية الثانية كان يأتي تاليًا لانخفاضٍ في مستوى النفط، وارتفاع أسعاره، مثلما حدث في أثناء حظر النفط العربي 1973-1974، وبجانب الاقتصاد، يؤثر النفط أيضًا في الأمن القومي الأمريكي لاستخدامه في تسيير سفن وطائرات القوات المسلحة الأمريكية وغيرها، ولهذه الأسباب فالنفط من العوامل المركزية بالنسبة إلى القوة الأمريكية.
سبّبت بداية التبعية حالة من التوتر للقادة والجمهور الأمريكي، فبتزايد استهلاك النفط مع النمو الاقتصادي زادت الحاجة إلى كثير منه، وهو ما لم يعد في الإمكان توفيره من داخل البلاد، فما تبقى من الاحتياطيات النفطية في الحقول الأمريكية لا يكفي الاستهلاك الحالي الذي سيستمر في الزيادة مستقبلًا، لذا أصبح من المحتم استيراد كميات كبيرة من النفط من الخارج، وأصبحت أمريكا مرتبطة بإبقاء الدول المصدرة للنفط في حالة تضمن معها عدم توقف تدفقاتها للسوق الأمريكية، مما عرّض أمريكا للتبعية لبلدان النفط بشكل يقيدها ويضعفها في حال توقف الإمداد من الخارج عَرَضِيًّا أو بشكل متعمد.
ومع مرور الوقت تحولت أمريكا إلى الاعتماد الكلي على النفط الأجنبي، وزادت خطورة هذا الاعتماد، وتقييم تلك الحالة يتم من عدة اتجاهات، الأول هو الاعتماد المتواصل على المستوردات: وأسبابه أن الاستهلاك يتزايد مع تناقص النفط المحلي بشكل لافت، أما الاتجاه الثاني فهو أن الاعتماد على الاستيراد يتم بالتعامل مع دول غير مستقرة وأحيانًا معادية لأمريكا، أما الاتجاه الثالث في تقييم الحالة الاعتمادية، فيعد من النتائج المترتبة على الاتجاه الثاني،
فزيادة الحاجة الأمريكية إلى النفط من موردين غير مستقرين في المناطق الخطرة في العالم يسبب خلافات في الرأي العام الأمريكي بسبب ما يحدثه من قلق عام في الجوانب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ثم الاتجاه الرابع والأخير أن الأمم الأخرى المستهلكة للنفط، وخصوصًا الدول التي تشهد صعودًا اقتصاديًّا لافتًا، سوف تعتمد هي الأخرى على مصادر النفط المضطربة نفسها، أي ستختلف رغباتها ومصالحها بالضرورة مع الولايات المتحدة، وستسعى كل قوة إلى إقامة علاقات صداقة مع الدول النفطية لخدمة موقفها، وهو ما سيهدد بحدوث صراع جيوسياسي بين تلك القوى الكبرى من أجل النفط.
الفكرة من كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
عند النظر إلى كثير من الصراعات والحروب في آسيا وإفريقيا، نجد أن الصراع العالمي في الحاضر والمستقبل هو صراع على الموارد النادرة، وليس كما قال صامويل هنتنجتون | Samuel P. Huntington إنه صراع هويات وحضارات، ومن تلك الموارد: الألماس والأخشاب، ولكن في كثير من الصراعات نرى النفط حاضرًا بقوة، وهو الأقدر من بين الموارد والثروات الطبيعية كلها على إثارة النزاعات والأزمات، وفي هذا الكتاب يحاول مايكل كلير توضيح أسباب اكتساب النفط هذا الحضور الكبير في الأزمات العالمية، وبجانب هذا درس السياسات الأمريكية الخارجية، واستنتج أن النفط -على عكس باقي الموارد- يعامل في الخطاب السياسي الأمريكي الرسمي بصفته مسألة أمن قومي، أي إنه يقع ضمن اختصاص وزارة الدفاع والهيئات المنوطة بحماية المصالح الأمريكية الحيوية.
يتتبع الكاتب تأثير النفط في السياسات الخارجية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليوم، ويتناول الأزمة التي تواجه الولايات المتحدة، من عدم كفاية آبارها، وتزايد استهلاكها، وطلبها على النفط الخارجي، وما تسببه الوسائل التي تلجأ إليها في تأمين هذا النفط، من رفعٍ لمستوى العداء والكراهية تجاه سياستها في الدول المنتجة للنفط.
مؤلف كتاب دم ونفط.. أميركا واستراتيجيات الطاقة: إلى أين؟
مايكل كلير: كاتب أمريكي، يشغل منصب أستاذ الكلية الخامسة لبرنامج دراسات السلام والأمن العالمي في جامعة هامبشير في أمهرست، ويعمل مراسلًا حربيًّا لمجلة (The Nation) ويشارك أيضا في تحرير صحيفة (Current History).
مؤلفاته المنشورة:
السباق للفوز: بما تبقى من خيرات الطبيعة.
All Hell Breaking Loose: The Pentagon’s Perspective on Climate Change
Resource Wars: The New Landscape of Global Conflict
معلومات عن المترجم:
أحمد رمو: مترجم عمل في التدريس، وله عديد من الترجمات منها:
الرقص مع العمالقة: الصين والهند والاقتصاد العالمي.
أسس التعامل والأخلاق للقرن الواحد والعشرين.