مركزية الصلاة من القرآن
مركزية الصلاة من القرآن
الله (سبحانه وتعالى) نبَّهنا للتشبُّث بالقرآن ﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ﴾، ووصف القلوب التي ابتعدت وقست كالحجارة أو أشد قسوة ﴿ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُم مِّن بَعْدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً﴾، بل واكتملت هذه المقارنة المحرجة بـ﴿وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ ۚ ﴾، كما أن القرآن كلام الله ينصاع له المسلم في كل شيء فلا يأخذ بعضه مما يوافق هواه ويترك بعضه كما نرى الآن ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ﴾، وما المراد من كل هذا إلا أمر واحد وهو عمارة النفوس بتعظيم الله والاستسلام المطلق له فيما يقوِّم أمرها.
حين نتأمَّل في القرآن الكريم، فنرى مثلًا حالة “الخوف” من الأعداء التي ذكرها الله لكن لم يسقط الصلاة بسببها، فقال تعالى ﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا﴾، وجاءت صلاة الخوف في حالة الحرب وشرحها القرآن، ثم تأتي آية الأمن ﴿فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾، وكأن حالات الإنسان سواء في الأمن أو في الخوف مرتبطة بتعلُّق القلب بالله، إذ إن القرآن هنا يريد من المسلم أن يكون الله حاضرًا في كل سكونٍ وحركة، وفي كل موقفٍ، فالأمر كذلك في آيات النصر والمعاصي والخطايا، فالقرآن يضخ في النفوس التعلُّق المستمر بالله.
يجعلنا هذا نعرف مركزية الصلاة التي جعلتها واجبة حتى في حالات الخوف والحرب، فنتساءل عن سبب كونها أعظم ركن في الإسلام بعد الشهادتين، وسبب تشريع الله لها وتعظيمها سبحانه، لنجد أنها بوابة استحضار الله وتذكره ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾، نحن نصل هنا إلى أن هناك أمرًا مهمًّا نجده في القرآن في كل آيةٍ وصوب، وهو كثافة حضور العلاقة بالله.
الفكرة من كتاب الطريق إلى القرآن
حين تمر أعوام المرء عليه يجد نفسه قد تعلَّق بالدنيا وغفل عن كل أساسٍ بناه الإسلام والقرآن، قد يُصلِّي ويقوم بعباداته ولكن دون الخيط الذي خُصِّص هذا الكتاب بأكمله لأجله، وهو أن كل شيء وكل حدثٍ مرتبط بالله (عز وجل)، وقد لجأ المسلم إلى الحياة المنطقية التي ابتعدت كل البعد عن الثقة في تدبير الله والضمان الإلهي، وخصوصًا فيما يتعلق بأمور الرزق والوظيفة والحياة عمومًا، ولم يكن القرآن أبدًا بعيدًا عن النهضة والحضارة كما يدَّعي البعض.
مؤلف كتاب الطريق إلى القرآن
إبراهيم السكران: هو باحث ومفكر إسلامي، حصل على درجة الماجستير في السياسة الشرعية من المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض، كما نال درجة الماجستير في القانون التجاري الدولي في جامعة إسكس ببريطانيا، ومن أهم مؤلفاته:
رقائق القرآن.
الماجريات.
سلطة الثقافة الغالبة.