مرقاة العقائد والأديان
مرقاة العقائد والأديان
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية، من هنا يقرِّر الكاتب أن الأديان إنما نشأت تبعًا لتطوُّرات مجتمعية صادفت حاجة نفسية لدى البشر، فهي في الأصل تعد إبداعًا فرديًّا تلقَّفته العامة لمسايرته المزاج النفسي للجماعة، وعلى ذلك فعِطاش الإيمان سيفضلون المكوث تحت لواء عبودية الآلهة التي تدغدغ خيالاتهم اللاشعورية.
وتتفاضل الأديان فيما بينها تبعًا لما تحويه من عناصر نفسية من تأليه قوى خارقة وخلع الصفات عليها التي توجب خلق مشاعر الخوف والرجاء لدى الإنسان بالإضافة إلى إشباع الآلهة الحاجة التخيلية الخادعة لدى النفس، والربط بينها وبين تفسير الأشياء الغامضة التي حار العقل في تفسيرها مما أوجب اضطرابًا نفسيًّا لا شعوريًّا، كما لا ننسى أن وعد الإله متبوعيه بحياة أخروية تتوافق بشدة مع نزعة النفس البشرية للخلود.
من هنا كانت الأديان جميعًا متشابهة في حقيقتها وإن تغيَّرت مظاهرها، فكل المؤمنين يخلعون على آلهتهم قوى واحدة، ويطلبون منها أمورًا متشابهة، كما أن فكرة الطاعة والعبودية ذاتها من الأمور المشتركة بينهم، فالأديان كما يقول للمؤلف ما هي إلا فكرة فردية ما لبثت أن تحوَّلت إلى أمر جمعي عبر انتقالها بين الأفراد، كما تعد الشعائر الدينية هي الطريق المعبَّد للمعتقد لكي ينفذ إلى اللاشعور فيتوطَّد بذلك الإيمان، وثمة ملاحظة مهمة، وهي أن العقل لا يصلح لتسويغ الإيمان وليس له دور في تكوين الآلهة، ولذلك كان الكشف المعرفي عن سير الحوادث لقوانين ثابتة سببًا في بطلان بعض الآلهة وتواريها بعدما كان يظن أن الكون إنما يسير تبعًا لأهوائها.
الفكرة من كتاب حياة الحقائق
يعتري البشر العديد من الاحتياجات المادية والنفسية، ويبدو أن الاحتياج النفسي إلى فكرة وجود الإله أضحى من الإلحاح ما دفع الإنسان إلى محاولته الارتكان إلى أوهام دينية ليقبع مختارًا في حظيرة العبودية..
يتحدث غوستاف لوبون عن المقدسات الثلاثة للشعوب والمتمثلة في الروح الدينية والأخلاق والفلسفة المعرفية، ويتناول كلًّا منها بالشرح والمثال، باحثًا عن مصادرها ونتائجها التي وجَّهت البشر عبر التاريخ، فلو نظرت إلى تعاقب نتائج تلك الحقائق الثلاث لم تجد الحاضر إلا وليد الماضي.
مؤلف كتاب حياة الحقائق
غوستاف لوبون Gustave Le Bon: طبيب ومؤرخ فرنسي، وواحدٌ من أشهر المؤرخين الأجانب الذين اهتموا بدراسة الحضارات الشرقية والعربية والإسلامية، ولد في مقاطعة نوجيه لوروترو، بفرنسا عام ١٨٤١م، ودرس الطب، وقام بجولة في أوروبا وآسيا وشمال أفريقيا، وأنتج مجموعة من الأبحاث المؤثرة عن سلوك الجماعة، والثقافة الشعبية، ووسائل التأثير في الجموع، ما جعل من أبحاثه مرجعًا أساسيًّا في علم النفس، تُوفِّي في ولاية مارنيه لاكوكيه، بفرنسا 1931م.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
حضارة العرب.
الآراء والمعتقدات
سيكولوجية الجماهير.
السنن النفسية لتطور الأمم.