مررتُ من هنا
مررتُ من هنا
رغم أن مفهوم النجاح يختلف جذريًّا من شخص إلى آخر، يسير الناس تلقائيًّا نحو محاولة الوصول إليه، ويطمح الكثير منا إلى تحقيق ما يمكن من الإنجازات في حياتهم، سواء تحققت كليًّا أو تحقق بعض منها، فتستمر حياة الإنسان متنقلًا من نجاحٍ صغير إلى آخر، حتى يفوز وسط مجتمعه بلقب “إنسان ناجح”، ولكن النجاح في رأي الكاتب لا يرتبط بدرجةٍ ولا نمطٍ ولا جماعةٍ معينة، بل يرجع إلى ذات الشخص وماذا يريد، ولا شرط أن يتفق في ذلك الجميع، ومن ثم يختلف معنى النجاح لكل منّا.
وهناك مفهوم جديد خلّفه النجاح يسمى “ترك الأثر”، ويختلف عن النجاح في أمورٍ عدة، كون النجاح يستلزم وقتًا محددًا ليُقاس عليه، وكونه ينتهي مع نهاية عمر الإنسان، وأن “الأنا” ترتبط به أولًا قبل الآخرين، أما “ترك الأثر” فيقدّم الآخرين عن النفس، ولا يمكن حصره في شكلٍ ولا وقت ولا دائرةٍ محددة، ومع ذلك فإنه يستمر حتى بعد موت صاحبه، وتكمن صعوبة ترك الأثر في عدم القدرة على الجزم بنتيجة العمل عليه قبل أن يتحقق، ولا يمكن معرفة مدى تأثيره في الآخرين، وهل سيعمل على تغييرهم أو مُساعدتهم؟ أم أنه ليس من الضروريّ أن يُفعل؟
ولكي نكون منصفين، فإننا نرى بأن يقسّم الإنسان حياته بين إرضاء “الأنا” وبين “ترك الأثر”، فلا عيب إطلاقًا في أن يرّكز الإنسان على نجاحاته الخاصة؛ رغبةً في تحسين دخله من أجل أن يحيا حياةً كريمةً له ولأسرته، فلا شك أن هذا في ذاته هدفًا نبيلًا وعملًا حقيقيًّا يستحق الجهد، كل هذا مع اجتهاده في ترك أثرٍ طيّب في من حوله.
الفكرة من كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
شروعك في قراءة هذه الأسطر الآن دليل مبين على أن أمر الإنجاز يشغلك، فمن منّا لا يريد أن يكون منجزًا في حياته؟ ولكن، هل فكرنا يومًا هل ما يشغلنا بالفعل الإنجاز في ذاته أم مجرد الشعور بالإنجاز؟
لا تخفى علينا جميعًا حقيقة أننا البشر نميلُ بطبيعتنا إلى كسب أكبر قدرٍ ممكنٍ من كل ما نريد، دون رغبةٍ حقيقةٍ منّا ببذل مجهودٍ يذكر في سبيل ذلك، فنبحث عن أسهل الطرق لأداء كل شيء، ونُخلّد إنجازاتنا الماضية ونعيش على أثرها دون رغبةٍ في إنجاز المزيد. يتناول الكاتب مسألةً أسماها “وهم الإنجاز”، وهي تعادل في نظره مجرد الشعور بالإنجاز، وليس العمل الحقيقي الملموس واقعيًّا، يعرض لنا القضية ويفصلها في جزأين من الكتاب، ويحاول في الجزأين الآخرين أن يعالجها، لعلّنا نصلُ بصحبته إلى نقطة انطلاقٍ تغيّر مِنّا وفينا إلى الأفضل.
مؤلف كتاب وهم الإنجاز: كيف يتحرك العامة وماذا يحفزّهم؟
أحمد مُشرف: مدّون ومؤلف سعودي معاصر، بلده الأصلي المدينة المنورة، وإقامته الحالية بمدينة جدة، مؤسس شركة “توثيق” المتخصصة بتوثيق الخبرات والتجارب، يهتم بالكتابة عن سيكولوجية الإنسان، وعن الفن والفنانين، له مدونة إلكترونية تحمل اسم amoshrif.com.
من مؤلفاته:
ثورة الفن: كيف يعمل الفنان وكيف يعمل الآخرون؟
مدوان: عن العمل والفن وسيكولوجيا الإنسان.
مئة تحت الصفر: عمار أحمد شطا.. تحولاته ودروسه وعن مستقبل الأجيال.