مراقبة الله والخوف منه
مراقبة الله والخوف منه
علم العبد بشهود الله ومراقبته له وأنه عليم بمكنونات الصدور وخفايا المقاصد والنوايا يثمر في القلب مراقبة الله (عز وجل)، فلا يترك ما يرضي الله، ولا يأتي نواهيه، فتكون الثمرة الإخلاص لله في جميع الأقوال والأفعال، فالإخلاص والخوف من الله ثمرات التعبُّد لله بأسمائه المحيط، الحافظ، الحسيب، القدير، المقتدر، العزيز، القوي، الجبار، العلي، الأعلى، الحق، المبين، المتكبر.
و(المحيط) هو الذي أحاطت قدرته بجميع خلقه علمًا وقدرًا ورحمة، وعلم العبد أن ربه محيط به يورث في قلبه الخوف من الله والحياء منه في خطراته، والرقيب الحافظ الذي لا يغيب عما يحفظه، فهو الشهيد على خلقه مما يدل على إحاطة الله الكاملة لعباده.
و(الحافظ) هو الذي لا يغيب عما يحفظه، المحيط بعباده في الخواطر واللواحظ، يعلم ما تكنُّ الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت، والإيمان بهذا الاسم الجليل يورث في القلب مراقبة الله في الخلوات والجلوات وصيانة الباطن والظاهر عن كل ما لا يليق بجلاله أن يراه من عبده.
ومن أسمائه تعالى (الحسيب) وهو العليم بعباده ومن يجازيهم بالخير والشر بحسب حكمته وعلمه الدقيق لأعمالهم وجليِّها، وهو الكافي عباده رزقهم وما ألمَّ بهم من هم ونصب فهو حسيبهم وكافيهم، وإيمان القلب أن الله كافيه يسوقه إلى الإخلاص والخوف والرجاء فيه سبحانه فلا يشرك به أحدًا ولا يخاف من أحد مهما بدت الظواهر والوقائع، فهو الكافي عباده أمنهم ورزقهم بحسب علمه بما يصلح دنياهم وآخرتهم، والحسيب أي المحاسب الذي أحصى كل شيء فيجازيهم على أعمالهم يوم القيامة، مما يجعل القلب دائم الوجل خشية سخطه وعقابه.
و(العزيز) هو الذي لا يعجزه شيء، الشديد في انتقامه من أعدائه، ذلَّت لعزته الصعاب، ولانت لقوَّته الشدائد، وهب العزة لرسوله وللمؤمنين، فمن أراد العزة فليطلبها بطاعته سبحانه، وكمال عزته يستلزم تنزيهه من كل شر ونقص، واليقين بنفاذ حكمه في عباده وتصريف قلوبهم إلى ما يشاء، مما يورث في القلب الخوف من الله والاعتصام به.
الفكرة من كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العلم بأسماء الله وصفاته هو أجلُّ العلوم وأنفعها وأشرفها بما تورث في القلوب من محبة الله وخشيته وتعظيمه، ومن رحمة الله بعباده أن جعل توحيده ومعرفته أمرًا راسخًا في الفطرة والعقل إجمالًا إلا أن يطرأ عليهما ما يفسدهما من محدثات الأمور والنفوس، فلا سعادة للعباد ولا صلاح لهم إلا بمعرفة خالقهم، فهو سبحانه غاية مطالبهم وتعرفهم عليه قرة أعينهم كما قال الإمام ابن القيم، وبحسب معرفة العبد بربه يكون إيمانه، ولا تتحصَّل المعرفة إلا بتلاوة كتابه وتدبُّر أسمائه وصفاته.
مؤلف كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
عبد العزيز ناصر الجليل: كاتب وطبيب صيدلي، حصل على بكالوريوس صيدلة وعلوم صيدلة من جامعة الرياض.
عمل مديرًا لدار طيبة للنشر والتوزيع مدة عشرين عامًا، ثم مشرفًا على المكتب العلمي في الدار.
ومن أشهر مؤلفاته: سلسلة وقفات تربوية ومنارات في الطريق، والميزان في الحكم على الأعيان.