مراحل تطور الصحة في التاريخ
مراحل تطور الصحة في التاريخ
اختلفت الحياة الصحية للفرد على مدار التاريخ تبعًا للتطوُّر الحادث من حوله، وهذا شيء طبيعي مواكب للحياة ومتغيِّراتها المتنوعة، لذا تعدَّدت مراحل تطور الصحة، ففي المرحلة البدائية كان علاج أي مشكلة صحية متوقِّفًا فقط على مسؤولي الصحة وداخل مكانين فقط: المستشفيات أو العيادات، ولم يكن هناك أي ثقافة صحية إلا عند الكوادر الطبية فقط، فكان الطبيب هو مصدر المعلومات وهو المُعالج الوحيد، أما المريض فهو شخص مُتلقٍّ فقط لأوامر الطبيب لكي يتم علاجه مع جهله تمامًا لكيفية علاجه، ثم جاءت المرحلة الثانية ليكون هناك مشاركون للطبيب في علاج المشاكل الصحية مثل الممرضات والقابلات ومراقبي الصحة وفنيِّي المختبرات، وأيضًا أصبح المُتلقي ليس المريض فقط، بل بعض أفراد المجتمع المُعرَّضين لهذا الخطر، وأيضًا يتلقَّون العلاج من هذه الكوادر الطبية وتنفيذها مع قليل من الإدراك.
وكان المسؤول الأوحد في المرحلتين عن الثقافة الصحية وزارة الصحة فقط، ثم تأتي المرحلة الأخيرة الأكثر تطورًا حيث نتج عنها تطور في المجال الصحي وتوسعة في الثقافة الصحية وليس حصرها في الكوادر الصحية فقط أو نشرها عبر وزارة الصحة وحدها، بل انتشرت عبر الإعلام وبين عموم الناس حتى غير المُعرَّضين لخطر الإصابة بالأمراض، فأصبح الإنسان يعي أكثر طرق العدوى والوقاية منها، بل أصبح بإمكانه تخمين تشخيصه من خلال الأعراض التي ظهرت عليه، وأدَّى ذلك إلى تقليل فرص الإصابة بالأمراض والوقاية من الأمراض الوراثية وغيرها بسبب وعي الإنسان والمشاركة في الحفاظ على صحته، ومنعه للتقليل من الأسباب المؤدية إلى حالات خطرة من الأمراض، وكما يقول الكاتب: “إذ إن المفهوم الجديد للثقافة الصحية قد تعدَّى مرحلة نقل المعلومات وإصدار الأوامر”.
هذه الثقافة الصحية وعَّت الفرد بأن الصحة عملية مشتركة بينه وبين مسؤولي الصحة وليست مشكلة قاصرة على أشخاص وجهة معينة، وأصبح انتشار الوعي الصحي مُقلِّلًا للأمراض ومُحافظًا على مستوى صحة المريض بالفعل، وتنوَّعت المصادر الناشرة للثقافة الصحية، ويتلقَّاها عموم الناس بإدراك تام.
الفكرة من كتاب الثقافة الصحية
أصبحت حياة الإنسان في تطور متزايد ومستمر، لا يكاد يلاحقها من فرط سرعتها، لكن لكلٍّ ميزة في هذا التطور تُزين حياة الإنسان، إلا أن جانبها المميز هذا يُظهر لنا جانبًا سيئًا آخر في خلال رحلة الكشف عنه، وجانب الصحة في حياة الإنسان تتوقَّف عليه حياة الإنسان واستمراره، فالصحة هي الطاقة المختزنة داخل الإنسان التي مكنته من إقامة الحضارات وصُنع التقدم الهائل التكنولوجي الحديث، لكن هذه الطاقة قد تتبدَّد، ولذا وجب رعايتها والحفاظ عليها، وهناك أمراض حديثة اكتُشِفَت، وقديمة اكتُشِف علاج لها أو تطوَّرت أعراضها، ولكي يقوم الفرد المجتمعي بالكشف أصلًا عن وجود مرض عنده فيجب عليه أن يكون لديه القليل من الثقافة حول الصحة، وأعراض تلك الأمراض، وذلك يرجع إلى أن الأمراض أصبحت أكثر تعقيدًا من ذي قبل والكشف عنها كذلك، وهذا ما يدعونا إليه الكاتب في كتابه حول الثقافة الصحية والتعرف على الأمراض وأنواعها، وسلوك البشر تجاهها.
مؤلف كتاب الثقافة الصحية
الدكتور محمد بشير شريم: طبيب وكاتب في مجال الصحة والطب، ما جعل له بصمة في المكتبة العربية الطبية.