مرآة مسروقة عن الفلاح المصري
مرآة مسروقة عن الفلاح المصري
من الأنماط الشائعة في الكتابات شبه الأكاديمية أو الأدبيات الأنثروبولوجية ذات المجال الثقافي هو النمط الواقعي للكتابة، ويتمثل معظمه في المذكرات والدراسات الميدانية بحيث ينتمي في جانب منه إلى مجال الصحافة وفي جانب آخر إلى مجال البحوث. وهو جنس من أجناس الكتابة الشعبية بين صفوف كل من المدرسين في الجامعات الأمريكية الذين يقدمون دروسًا تمهيدية عن الشرق الأوسط وزائري مصر الذين يريدون معرفة الحيوات اليومية للمصريين العاديين، والذي يعني عادة المزارع أو العامل الزراعي الذي يسمى “بالفلاح” والذي يعتبر نوعًا خاصًا من الأشخاص يميز الأمم الأقل تصنيعًا. ومع تناول الدراستين الأكثر شعبية عن الفلاح المصري المنشورتين في الولايات المتحدة وهما كتابي كريتشفيلد “شحات: مصري” و”الفلاح المصري” لهنري عيروط، نجد الطريقة غير السارة التي نتصور بها المصري “النموذجي” الذي يواجه تغيرات مفاجئة في في اسلوب حياته كما يقول كريتشفيلد في إشارة إلى عمليات التحديث التي يقاومها الفلاحين الذين لم يغيروا طريقة حياتهم خلال ستة آلاف سنة، ويرفض الكاتب التسليم بصحة المقولة أصلًا، إلا أنه يحاول كريتشفيلد تصوير القراء الغربيين أنهم في أحد تلك المتاحف التي رأوها من قبل أو قرأوها في أدبيات الاستشراق القديمة كأنه لم يتغير شئ. فعلى الرغم من تصنيف الكتاب من حيث كتابته الواقعية المفترضة المعتمدة على النزول إلى أرض الواقع وعدم الاعتماد على الدراسات السابقة إلا بالقدر اليسير إلا أننا نكتشف أن العمل الأول به العديد من التشابهات الملحوظة في اجزاء مختلفة من الكتاب مع الكتاب الثاني لعيروط مما يثير التساؤل: ألا يفترض أنه بعد أربعة عقود ومع وجود تغيرات ظاهرة في الحال الريفي ألا نجد تلك التشابهات الملحوظة بين وقت وآخر قد تصل إلى درجة النقل الحرفي من كتاب عيروط، والذي يفاجئنا هو الآخر أنه اقتبس الأفكار بشكل واضح من كتابات عالم الاجتماع الفرنسي جوستاف لوبون عن الفرق بين المجتمعات المتخلفة والمتقدمة وفكرة العقل الجمعي الذي يسيطر على أفراد المجتمعات التقليدية وكيف أنه على نخبة تلك المجتمعات أن يتدخلوا لتغيير حياة الريفي المصري واستنهاضهم دون اثارتهم. ويرى المؤلف أن الصلة السياسية بين مصر والغرب توفر السياق لشعبية ونجاح هذه الواقعية المصطنعة؛ حيث يصف النقاد الأمريكيين أن كتاب عيروط هو كتاب “كلاسيكي يقدم مرآة للمجتمع” ويتفق الكاتب مع كونه مرآة لكنه يستدرك فيقول أنها “مرآة لا تعكس واقعًا فلاحيًا أصيلًا، وإنما مرآة لعدد من الأعمال الاستشراقية الأقدم والمألوفة للقراء الغربيين مما ساعد على انتشاره والاحتفاء به”
الفكرة من كتاب مصر في الخطاب الأميركي
يحلل الكتاب أربعة أنماط مختلفة من الكتابة الأمريكية الحديثة عن مصر. وهي تتناول جوانب مختلفة لاسلوب تمثيل مصر، مع أن جانبًا كبيرًا من التركيز ينصب على الريف المصري وتتداخل موضوعات عديدة، خاصة موضوعات السلطة السياسية والدولة، من فصل إلى الفصل الذي يليه. وينتقد الكتاب بوجه عام افتراض دور المتفرج من قبل الباحث والقارئ على متحف قديم الأزل يحكي الحياة الزراعية التي لم تتغير، متبعًا بذلك نفس الاسلوب الذي استخدمه الكاتب في كتابه اللاحق والذائع الصيت “استعمار مصر”.
مؤلف كتاب مصر في الخطاب الأميركي
“تيموثي ميتشل” هو عالم سياسي بريطاني ودارس للعالم العربي، وبالأخص منهم مصر، وهو أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا وأستاذ سابق للعلوم السياسية في جامعة نيويورك. بالاضافة إلى أنه خبير في الاقتصاد المصري المعاصر، وساهم في نظرية ما بعد الاستعمار.
معلومات عن المترجم:
“بشير السباعي” شاعر ومؤرخ ومترجم مصري. نقل عن الروسية والإنجليزية والفرنسية نحو سبعين عملاً إبداعيًّا وفكريًّا. حاصلٌ على جائزة أفضل الملمين بالروسية وآدابها من المركز الثقافي السوفيتي بالقاهرة (1971). وحاصل على جائزة معرض القاهرة الدولي للكتاب دورة 1996، عن أفضل ترجمة عربية عام 1995. حاصلٌ على جائزة مؤسسة البحر المتوسط للكِتاب (2007).وحاصل على جائزة رفاعه الطهطاوي من المركز القومي للترجمة (2010). وحاصل على جائزة كافافي الدولية للترجمة (2011).