مدى تأثير الفضائيات في واقع الشعوب
مدى تأثير الفضائيات في واقع الشعوب
يحتل الإعلام اليوم المكانة الأكبر في توجيه الرأي العام للشعوب ونشر الثقافات، بين أجهزة الثقافة المقروءة والمسموعة، وأصبح كثير من الدول –بخاصةً الدول التي لا تملك التقنيات الحديثة- في موقف المتفرج فقط تتلقَّى شعوبها ثقافات الغير وتتأثر بها دون أن تكون قادرة على نشر ثقافتها هي كما تريد في بلدها ودون تدخُّل خارجي، حيث أصبحت الثقافة الإعلامية الغربية والأمريكية هي الأكثر انتشارًا وهيمنة.
وتتمثَّل خطورة سيطرة تلك الفضائيات على فكر الشعوب وثقافتها في أن ما تبثُّه تلك الفضائيات يطغى على الثقافات الأصلية للبلاد، فهي تبث أخلاقًا ليست أخلاقنا وتاريخًا ليس تاريخنا، فتحاول منافسة هذه الدول على أن تكون ثقافتها هي السائدة، كما أنها تحوَّلت إلى أداة تغريب وجزء من أجزاء الغزو الثقافي الذي تمارسه القوى المعادية لمسخ هوية الشعوب الإسلامية ومسح شخصية الأمة الإسلامية، وبدلًا من أن تكون الفضائيات العربية معبِّرة عن ثقافة الأمة ومؤدية لرسالتها أولًا ثم أداةً للتبادل الثقافي أصبح دور الفضائيات العربية في الأغلب مجرد ترجمة لما تبثه دون مراعاة ثقافة البلاد الإسلامية وآدابها، مما نتج عنه المزيد من التغريب للمتلقي العربي والخروج عن الحياء والأخلاق الحميدة، كما نتج عنه تشوُّهات ثقافية واجتماعية وأخلاقية، أدت إلى تفكُّك الأسرة العربية وزيادة نسبة الطلاق في مجتمعاتنا وعزوف الشباب عن الدراسة والتعلم، وتربية الأبناء على التفاهات الغربية والانحلال المادي، وكل هذا دور الفضائيات فيه لا يمكن إنكاره، ليس على مستوى الشعوب العربية وحسب، بل على مستوى المجتمع الغربي، والأمريكي نفسه الذي يعاني تأثير البرامج والأفلام في الكبار والصغار، ويعترف بأن لتلك الأفلام دورًا كبيرًا في تفشِّي العنف والجريمة في مجتمعه، ويحذِّر مجتمعه منه رغم أنه أصل الداء وسببه!
الفكرة من كتاب الفضائيات وأثرها على المجتمع
تعدُّ القنوات الفضائية سلاحًا ذا حدين، فلها دور بارز وخطير للتأثير في المجتمعات الإنسانية، ولكن الشق السلبي لها من مشكلات وأخطاء وأضرار على كل المستويات من العقدية والأخلاقية والسلوكية والاجتماعية أكبر من الجوانب الإيجابية، حيث يشمل تأثيرها كل الفئات العمرية بدايةً من الأطفال والمراهقين والشباب حتى المسنين، خصوصًا ونحن في عصر ما يسمى “العولمة”، حيث الانفتاح على العالم وسهولة الوصول إلى أي مكان أو حدث على مستوى العالم.
والناظر في معظم هذه الفضائيات يرى أنها تتسبَّب في تشكيل ثقافة المجتمع وتوجُّهاته بنسبة لا يستهان بها، وواقع معظم الفضائيات العربية اليوم هي وأخواتها من وسائل الإعلام مقروءة ومسموعة مؤسف ومحزن، ولا تزال الخطوات والتوجُّهات يغلب عليها جانب اللهو والعبث بعيدًا عن واقع الأمة وحاجتها إلى من ينهض بها من كبوتها.. يسلِّط هذا الكتاب الضوء على الفضائيات وأثرها في مجتمعاتنا وأسرنا، ويعرِّفنا بمدى خطورتها إذا لم توجَّه توجيهًا يتناسب مع واقع وقيم مجتمعاتنا، وما اللازم من الخطوات الفعلية الواقعية لتصحيح الأوضاع وإصلاح الأحوال؟
مؤلف كتاب الفضائيات وأثرها على المجتمع
علي كنعان: شاعر وكاتب ومترجم سوري، عمل في الصحافة والإذاعة السورية نحو 25 سنة، محررًا ومشرفًا، وانتُدِب إلى اليابان لتدريس اللغة العربية في جامعة طوكيو، وهناك عمل ثلاث سنوات مدرسًا للأدب العربي، وهو عضو مؤسس في اتحاد الكتاب العرب بدمشق 1968، وشارك في العديد من المؤتمرات الأدبية ومهرجانات الشعر، وله عدة دواوين شعرية ومؤلَّفات أدبية، كما حصل على جائزة حامد بدرخان في دورتها الأولى.