مدرسة شبه القارة الهندية.. عزلة محمودة
مدرسة شبه القارة الهندية.. عزلة محمودة
رغم أن البلاد الهندية لم تنطق يومًا بالعربية لغةً يوميةً، أو حتى اتخذتها لغةً رسميةً في المحاكم والدواوين، لكن ظلت هذه القارة على عهدها القديم من الاعتناء باللغة العربية وشؤونها، ولم يقتصر هذا الاعتناء على علوم الكتاب والسنة الضرورية لحفظ قوام الدين، لكن انتقل هذا الاعتناء إلى علوم اللغة وآدابها، فمنهم من اهتم بوضع المعاجم الكبرى والمراجع الهامة في النحو والأدب، ولم يقف علماء الهند عند الحد الذي اكتفى به غيرهم، بل ظلت المدرسة الهندية تبتكر وتُثري المكتبة العربية بالغالي والنفيس، فكان كتاب “مجمع الأنوار” للعلامة محمد طاهر الفَتَّنِي، فتحًا لعلماء الحديث، كما تصدى العلماء الهنود لأحد أخطر المواضيع اللغوية وأكثرها احتياجًا للدقة، وهو ما يتعلق بشرح المصطلحات العلمية، فتناولوا هذا الباب بالتدقيق والتأليف ليخرج لنا كتاب “كشاف اصطلاحات الفنون” للشيخ محمد أعلى التهانوي الذي أغنى العلماء عن عناء البحث والانتقال بين مئات الكتب.
لا يخفى أيضًا اتصال الهند بأقاليم الدولة الفارسية، والتأثير التاريخي المتبادل بين هاتين الثقافتين بحكم الجوار، وكان هذا الاتصال يكاد يكون مُنقطعًا مع الجانب العربي، ساعدت هذه العزلة الأدباء الهنود على الحفاظ على أصالة لغتهم وسلامتها من الأساليب المُصطنعة التي سادت بلاد العرب في ذلك الزمن، ففي الوقت التي أظلت فيه البلاد العربية غمامة الحريري وأساليبه المتكلفة، كانت المدرسة الهندية تسمو على هذا التقليد، وتتبع مدرسة ابن خلدون التي تؤثر المعاني على الألفاظ، وتحث الكاتب على مُجاراة نفسه وتحرير سجيته دون تقييدها وإلزامها بالسجع والزينة، ومما أفاد المدرسة الأدبية الهندية وجعل صلتها بالعلم والتأليف باقية، عدم وجود هذا الانفصال بين علوم الدين وعلوم الأدب، فلم يتواجه الشعراء والأدباء مع علماء الدين، ذلك لأن أولئك العلماء هم من قادوا هذه الحركة، وكثيرٌ منهم جمع بين التخصص العلمي والنقد الأدبي، فظلت مؤلفاتهم مرجعًا لطلاب العلم ومحبي الأدب.
الفكرة من كتاب نظرات في الأدب
عرفت الأمة الإسلامية أبا الحسن الندوي داعيةً ومفكرًا إسلاميًّا، وبلغت شهرته الآفاق مع صدور كتابه “ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟”، ربما التفت البعض إلى بلاغته وحسه الأدبي في مؤلفاته، لكن ظل هذا الجانب من شخصيته مجهولًا وراء لثام الداعية والمفكر، وهو في هذا الكتاب يكشف عن هذا الجانب، فنراه يدمج ذوقه الأدبي مع أدوات المفكر ومنهجيته النظرية في مراجعة تاريخ الأدب العربي في عصور توهجه وانحطاطه، ثم يؤسس لنظرية أدبية جديدة، يضع فيها نماذج الأدب ومراجعه المُتبعة في الميزان، ليلفت أمته وينبهها لأدب آخر مجهول أهمله الدارسون، فقط لأن أصحابه لم يقولوا عنه أدبًا.
مؤلف كتاب نظرات في الأدب
أبو الحسن الندوي: مفكر إسلامي وداعية هندي، ولد بقرية تكية عام 1914م وينتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب، درس القرآن والحديث والتفسير في ندوة العلماء بكلية دار العلوم، ثم بدأ عمله بها مدرسًا للتفسير والأدب العربي، أسس العديد من الحركات والمؤسسات الدينية، مثل حركة “رسالة الإنسانية” و”المجمع الإسلامي العلمي”، حصل على جائزة الملك فيصل العالمية في خدمة الإسلام. من أهم أعماله:
ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟
مختارات من أدب العرب.
رجال الفكر والدعوة في الإسلام.
قصص النبيين للأطفال.