مدخل إلى فلسفة الشائعات: الدوكسا في مقابل الإبستيمه
مدخل إلى فلسفة الشائعات: الدوكسا في مقابل الإبستيمه
وضعت الفلسفة حدًّا فاصلًا بين مفهومَيْن إغريقيَّيْن هما: الدوكسا والإبستيمه، وتشير الدوكسا «Doxa» إلى الآراء والمعتقدات المبنية على وجهات النظر الخاصة والأذواق والتفضيلات الشخصية، ويَحِقُّ لكل إنسان تبني ما يريد منها دون أن تعتمد بالضروة على أساس متين، بينما الإبستيمه «Epistema» هي المعرفة المبنية على أساس متين، ولا تُبنى على الآراء والتفضيلات الشخصية، بل تهدف إلى الحقيقة، ويَجِب أن تكون مُثبَتةً ومبنيةً على أدلة موضوعية محايدة، ويعتمد كل ذلك على العقل والمنطق، وهو ما يسمى في اليونانية «اللوجس Logos» أو الآخر الكبير كما سمَّاه «جاك لاكان | Jacques Lacan»، ويرجع هذا التقابل بين الرأي والمعرفة إلى الأسس الفلسفية السقراطية.
فأين تقع الشائعات من الدوكسا والإبستيمه (الرأي والمعرفة)؟ إنها مرتبة أدنى حتى من منزلة الرأي، فالشائعات لا يَعتقِد بها أحد، وإنما تُسمع من الآخرين أو تُنقل عنهم، وكلما تناقلها الناس بينهم نَمَت وتضاعفت، والشائعات ليس لها مؤلف، ولا ترجع إلى أصل، وبالرغم من ذلك تَملك سلطةً ونفوذًا، وتصير بشكل غامض قوة هائلة يصعب التصدي لها، وتؤدي دورها بكفاءة عالية لا تتفق إطلاقًا مع كونها بلا سند أو أساس.
الفكرة من كتاب فلسفة القيل والقال: عن الكذب والنميمة والشائعات والمسائل ذات الصلة
إن للشائعات أثرًا بالغًا لا يخفى على أحد، وهي ظاهرة ليست حديثة العهد بالمجتمعات الإنسانية، بل هي ظاهرة قديمة طرأت عليها تغيرات بتغير المجتمع وتقدمه، ولَمَّا كان الأدب وثيق الصلة بالإنسان وحياته، فقد تطرق الأدباء في أعمالهم لهذه الظاهرة، كما تناولها الفلاسفة بالوصف والتفسير، وكذلك التحليل النفسي، ولم يغفلوا عن «الكذبة البيضاء» وعلاقتها بالثقافة. والطرح التالي يتناول الشائعات والمسائل المرتبطة بها في شكل مراحل تاريخية عَبَّرَت عنها نماذج أدبية.
مؤلف كتاب فلسفة القيل والقال: عن الكذب والنميمة والشائعات والمسائل ذات الصلة
ملادن دولار: فيلسوف ومحلل نفسي سلوفيني، تخرج في جامعة ليوبليانا بعد دراسته اللغة الفرنسية والفلسفة، كما درس في جامعتي «باريس السابعة» و«وستمنستر»، وهو أحد مؤسسي جمعية التحليل النفسي النظري، يعمل في التدريس الأكاديمي وباحث استشاري في أكاديمية «جان فان إيك»، ونشر العديد من البحوث والمقالات العلمية والكتب، ومن أعماله:
A Voice and Nothing More
Opera’s Second Death
ألكينا زوبانجج: فيلسوفة سلوفينية معاصرة، من أعلام مدرسة لوبليانا للتحليل النفسي، وأستاذة في كلية «الدراسات العليا الأوربية» وفي جامعة «نوفا جوريكا»، كما تعمل مستشارة للبحوث، وأستاذة في معهد الفلسفة التابع للأكاديمية السلوفينية للعلوم والفنون. تخرجت في جامعة ليوبليانا بعد دراستها الفلسفة، كما حصلت على درجة الدكتوراه، وهي مُحِِّررة مشارِكة ورئيسة تحرير مجلة نظرية التحليل النفسي والفلسفة والدراسات الثقافية، ومن مؤلفاتها:
Let Them Rot: Antigone’s Parallax
The Odd One In: On Comedy
معلومات عن المترجم:
طارق عثمان: باحث ومترجم مصري، تتمركز اهتماماته حول الفلسفة المعاصرة والعلوم الاجتماعية، وخصوصًا علم النفس، نشر العديد من الدراسات والمقالات العلمية، ومن ترجماته:
حاوي الثورة المصرية: دراسة أنثروبولوجية لظاهرة توفيق عكاشة.
ما هي الشريعة؟