مدخل إلى النظرية
مدخل إلى النظرية
يقصد بالموقف الطبيعي نظرة الإنسان العادي إلى العالم، فهو يعتقد أن للعالم وجودًا مستقلًّا عن ذاته كإنسان، ويقابل هذا الموقف الطبيعي موقف آخر يعرف بالمثالي، ويراد به كل مذهب فلسفي يعارض الموقف الطبيعي في نظرته إلى العالم الخارجي إما بإنكار وجوده خارج الذهن والفكر وإما بالتشكيك في ذلك.
إن الموقف الطبيعي يتميَّز بأنه لا يضع الوجود الخارجي موضع تساؤل أصلًا، فهو موقف عملي لا يحاول تحليل الوجود ولا الكشف عن علل الأشياء ولا تحليلها، وهذا السلوك الطبيعي لا يطعن في الإنسان العادي لأنه في حياته اليومية لا يستطيع التعامل مع الأشياء والوجود إلا وَفقًا لهذا الموقف، إذ إن تعامل الإنسان العادي مع الوجود الخارجي بخلاف الموقف الطبيعي قد يؤدي إلى نتائج كارثية، فلو أنه تخيَّل حال سباحته في بحر أن هذا البحر ليس له وجود خارجي لغَرِق ولأودى ذلك بحياته.
يخطئ بعض الناس عندما يظن أن الموقف الطبيعي لا يعبِّر عن حقائق الأشياء لأنه يختلف عن الصورة التي يقدمها العلم للعالم، إذ إن كلًّا من صورتي الموقف الطبيعي والعلمي تؤدي وظيفة مختلفة تمامًا عن وظيفة الأخرى، وتسري على مجال مخالف تمامًا لمجالها، ولكن الخطأ ينشأ عندما يخلط بين المجالين، إما بإهمال أحد الموقفين والاكتفاء بالآخر وتفسير كل الظاهر من خلاله، وإما بتطبيقه في غير محله، وبهذا الطرح لا يكون الموقف الطبيعي عقبة في وجه التقدم العلمي كما يُفهَم من كلام بعض الفلاسفة.
الفكرة من كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
تشكِّل دراسة الفلسفة بوجه عام ودراسة نظرية المعرفة كأحد فروع الفلسفة أمرًا غاية في الأهمية، فلن نكون مبالغين إذا قلنا إنَّ نظرية المعرفة هي أهم فروع الفلسفة على الإطلاق قديمًا وحديثًا، فبها تتكوَّن تصوُّرات الإنسان عن الكون والحياة والوجود، ويراد بها الفرع الذي يبحث في طبيعة المعرفة ومصادرها وإمكاناتها.
وفي هذا الكتاب يستعرض المؤلف هذه النظرية علميًّا وفلسفيًّا وموقف الإنسان الطبيعي العادي من ذلك.
مؤلف كتاب نظرية المعرفة والموقف الطبيعي للإنسان
فؤاد حسن زكريا: أستاذ مصري متخصص في الفلسفة، حصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1996م، وجائزة مؤسسة الكويت للتقدم العلمي، عام 1999م، وولد سنة 1927، وتوفي سنة 2010.
له مؤلفات وترجمات كثيرة، منها: “دراسة لجمهورية أفلاطون”، و”نقد الاستشراق وأزمة الثقافة العربية المعاصرة”، وترجمة كتاب “الجمهورية” لأفلاطون، وترجمة كتاب “نشأة الفلسفة العلمية” لرايشينباخ.