مخاطر الكشف عن الذات والهوية عبر الإنترنت
مخاطر الكشف عن الذات والهوية عبر الإنترنت
إن كشف الذات ومشاركة خصوصياتنا على مواقع التواصل الاجتماعي راجع إلى أن كثيرين يرون في الحياة على شاشات الموبايل والكمبيوتر بديلًا عن الحياة الواقعية، خصوصًا بالنسبة إلى الأشخاص المهمشين، إذ يجدون في التفاعل في ما بينهم على الإنترنت تحقيقًا لقبول الذات، ومن هنا تنشأ المخاطر، إذ تشير الدراسات المسحية إلى تعرُّض طفلين من كل ألف طفل لرسائل ذات محتوًى جنسي من البيدوفيليين لإغوائهم واستمالتهم، والأكثر خطورة أن تلك الدراسات كشفت أن 9% من الأطفال التقوا على أرض الواقع أشخاصًا بالغين بعد أن تعرفوا عليهم لأول مرّة على الإنترنت، وبناءً على ذلك فإن كشف الأطفال عن ذواتهم على الإنترنت هو المسؤول عن وقوعهم ضحايا لصيادي الجنس!
إن هؤلاء الأطفال هم موضوع “الموجة الأولى” المتعلقة بمخاطر الكشف عن الذات عبر الإنترنت، وهم بعد عدّة سنوات سيكونون موضوع “الموجة الثانية” بوصفهم “مواطنين رقميين” لأنهم نشؤوا في ظل الإنترنت، ويختلفون عن غيرهم الأكبر سنًّا في أنهم لا ينظرون إلى الخصوصية من المنظور نفسه، بسبب نقص الوعي بما يمكن أن ينشر وما لا يجب نشره.
وبالطبع الأفراد الأكبر سنًّا ليسوا بمنأًى عن مخاطر الإفصاح عن الذات عبر الإنترنت، فكبر سنهم يعني أن لديهم قدرًا كبيرًا من المعلومات الشخصية التي إن كُشف عنها يمكن أن تجلب كثيرًا من المتاعب والمشكلات، إذ يمكن أن تؤثر هذه المعلومات في علاقاتهم بأزواجهم وعائلاتهم ووظائفهم وسمعتهم، فقد كشفت دراسة مسحية أن نحو 19% من المستخدمين شعروا بالندم جرَّاء نشرهم أخبارًا أو تعليقات أو صورًا أو مقاطع فيديو في الماضي، ونحو 6% منهم تعرَّضوا بالفعل للمتاعب جرَّاء ما كتبوه على صفحاتهم.
كما توجد كثير من المخاطر يمكن أن يتعرَّض لها الأشخاص جرَّاء كشفهم عن ذواتهم على الإنترنت، من ذلك “سرقة الهوية” والاحتيال على الآخرين، إذ يكفي لحدوث ذلك أن يكشف الشخص عن تاريخ ومحل الميلاد، وبذلك يكون المُحتال قد استولى على 90% من الهوية! كما أن الكشف عن الذات يُعرض الشخص لما يُعرف “بالمطاردة السيبرانية”، إذ يقوم بعض الأشخاص بشكل متكرر بالتطفل والتواصل مع الشخص المُطارد، وأغلبها يتم على خلفية العلاقات العاطفية، كما يمكن أن يتعرَّض الأشخاص للمخاطر كالاعتقالات على خلفية الآراء السياسية نتيجة المراقبة الحكومية التي تقوم بها الأنظمة الشمولية والدكتاتورية بهدف قمع المعارضة، كما أن الكشف عن الذات يمكن أن يرتبط أيضًا “بالأضرار البين-شخصية”، إذ كشفت الدراسات المسحية أن مواقع التواصل الاجتماعية تعمل على تقويض العلاقات، كزرع بذور الشك بين الأزواج.
الفكرة من كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
يُبين الكاتب في هذا الكتاب مجموعة من الموضوعات المتعلقة بالخصوصية، ويُركز على الآثار السلبية والمخاطر المترتبة على ما يفعله عديد من الناس على وسائل التواصل الاجتماعي من مشاركة حياتهم الخاصة والكشف عن الذات والهوية، وفي هذا الجانب يستعرض الكاتب مجموعة من المواقف التي تعرَّض لها عديد من الناس نتيجة ما ينشرونه عن ذواتهم على الإنترنت، وخصوصًا مواقع التواصل الاجتماعي، وأثر ذلك في مجال عملهم ودراستهم وحياتهم بشكل عام.
مؤلف كتاب حين شاركنا حياتنا عبر الإنترنت: مخاطر كشف غطاء الخصوصية عبر وسائل التواصل الاجتماعي
ديفيد أر. بريك : هو باحث وأكاديمي حاصل على درجة الدكتوراه في وسائل التواصل الاجتماعي من كلية لندن للاقتصاد، كما أنه يعمل محررًا وصحفيًّا ومراسلًا لعديد من المؤسسات العريقة حول العالم مثل بي. بي. سي، ومجلة نيو ساينتيست، كما أنه يعمل محاضرًا في عدد من الجامعات، تتناول أبحاث بريك أثر وسائل التواصل الاجتماعي في حياة الفرد والمجتمع.
معلومات عن المترجم:
د. أحمد محمد مصطفى: مترجم، من أعماله المُترجمة الأخرى:
سباق السرعة: حل المشكلات الكبرى واختبار الأفكار الجديدة في خمسة أيام فقط.