محمد علي والإصلاحات الداخلية
محمد علي والإصلاحات الداخلية
جاء محمد علي على رأس حامية ألبانية في حملة للعثمانيين لطرد الفرنسيين من مصر، انبهر بالنهضة الحديثة التي وصلت إليها فرنسا وكان لهذا الانطباع أثر كبير في خططه مستقبلًا، تقرب من الأعيان والأهالي والعلماء، مظهرًا عدم طمعه في السلطة، زارعًا الدسائس بين رؤوس المماليك لإضعافهم، وتولى حكم مصر بعد ثورة الأهالي على خورشيد.
نشأ تحالف بين محمد علي وفرنسا لمحاولة تحقيق المدنية الحديثة في مختلف المجالات، بينما انحازت بريطانيا إلى المماليك خوفًا على مصالحها، وشنت حملة فريزر التي فشلت وعادت أدراجها بعد معركة رشيد، ونجح محمد علي في التخلص من المماليك في مذبحة القلعة، واستتب الأمن في البلاد، وتمهد الطريق أمام محمد علي لتطبيق كل رؤياه.
نشأت حركة إصلاح داخلي كبيرة فتمت إعادة تقسيم الأقاليم إلى سبع مديريات وهيكلة المجالس والإدارات الفرعية وإنشاء الدواوين على رأس كل مجال، وتولت الدولة ملكية الأراضي بدلًا من الوسطاء واحتكرت محاصيلها وكذلك فرضت عدة ضرائب تجارية وعقارية وحصلت الرسوم من القوافل الأجنبية العابرة.
كانت كل تلك الإصلاحات تستهدف بناء جيش وطني قوي يحقق مطامع محمد علي، ولذلك صنع أسطولًا بحريًّا في الإسكندية تحت إشراف أوروبي، وكانت للضباط الأجانب وخصوصًا الفرنسيين أدوار القيادة العليا في الجيش، واقتصرت براعة المصريين على القتال.
ونشطت الصناعة خصوصًا في مجالات القطن والسكر والبارود وتحسن نظام الري، مما صب في مصلحة التجارة الداخلية والخارجية.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فقط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.