محمد (صلى الله عليه وسلم) سيد العُظَماء
محمد (صلى الله عليه وسلم) سيد العُظَماء
إن العُظماء يكونون عظماء في أقوامهم فقط، ينفعونها بقدر ما يضرُّون غيرها، أو تكون عظمتهم عالمية الأثر لكن في جانب محدود فقط دون غيره، أما محمدٌ (صلى الله عليه وسلم) فكانت عظمته عالمية المدى والأثر، وكانت شاملةً في تفاصيلها وأركانها وجوانبها.
إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يُبلغ ما يُوحَى إليه في البيت والمسجد والطريق، وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر بلسانه وعمله، ويعبِّر عن صدق رسالته بقوله وفعله، فقد كان خلقه القرآن، بل كان قرآنًا يمشي على الأرض.
والنبي (صلى الله عليه وسلم) هو بشرٌ مثلنا في المقومات العامة للصفة البشرية، لكن ليس في البشر -على التحقيق- من هو في مثل عظمته، قد جُمِعَت له العظمة من أطرافها، وعرفنا من أمهات المؤمنين والصحابة (رضي الله عنهم أجمعين)؛ ما كان منه في جميع أحواله (صلى الله عليه وسلم). إنه العظيم الأوحد الذي دُوِّنت سيرته بهذا التفصيل (صلوات ربي عليه وسلامه).
إن أخلاق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) معجزة في حدِّ ذاتها، فصدقه وأمانته معجزة، صبره على الأذى معجزة، حلمه مع المسيء معجزة، وإقراره بالحق معجزة، وصدق تبليغه عن الله معجزة، واحترامه للعهود معجزة، وذوقه وحسه المرهف معجزة، وتواضعه ورقة طبعه معجزة، وبيانه وفصاحته معجزة، فكلُّ ذلك فيه إعجاز ودلالة أن اختيار الله له ليكون خاتم الأنبياء وسيد المرسلين، سبقه إعداد من الله له، فكانت سيرة حياته كلها معجزة، عجز عظماء العالم أجمع عن أن يتركوا من خلفهم سيرة مثلها، (صلى الله على سيدنا ونبينا محمد).
الفكرة من كتاب سيد رجال التاريخ محمد
يُعد هذا الكتاب الذي بين أيدينا من كتب الشمائل والسيرة اللطيفة العبارة، صغيرة الحجم، والعامرة بمشاعر الولاء والانتماء إلى نبي الله محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
وقد اعتاد علي الطنطاوي الكتابة والتحدُّث عن الهجرة في أول كل سنة هجرية على مر سنين حياته (رحمه الله)، كما اعتاد الكتابة والحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيضًا في يوم مولده.
ينقسم الناس أمام معرفة الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى فريقين اثنين، فريق ينتسب إلى الإسلام يقلِّد خصوم الإسلام، ويقرِّر أن محمدًا (صلى الله عليه وسلم) كان عبقريًّا، ويسكت عن جانب الرسالة أو ينكره، وفريق رفعه فوق البشرية، ونسب إليه ما لم يقع، والحقيقة ليست هنا ولا هناك، فالرسول (صلى الله عليه وسلم) كان بشرًا ولكنه بمزاياه كان فوق البشر، وكان يوحى إليه من رب البشر سُبحانه، يقول الله تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ﴾.
مؤلف كتاب سيد رجال التاريخ محمد
الشيخ علي الطنطاوي: (23 جمادى الأولى 1327 هـ 12 يونيو 1909م – 18 يونيو عام 1999م الموافق 4 ربيع الأول 1420 هـ) هو فقيه وأديب وقاضٍ سوري، ويُعدُّ من كبار أعلام الدعوة الإسلامية والأدب العربي في القرن العشرين، وعمل منذ شبابه في سلك التعليم الابتدائي والثانوي في سوريا والعراق ولبنان حتى عام 1940، وقد ترك التعليم ودخل سلك القضاء، فأمضى فيه خمسة وعشرين عامًا.
أشهر مؤلفاته: “أعلام التاريخ”، و”حكايات من التاريخ”، و”ذكريات علي الطنطاوي”، و”فتاوى علي الطنطاوي”، و”قصص من الحياة”، و”من حديث النفس”، و”من نفحات الحرم”، والعديد من المؤلفات الأخرى.