محطات رئيسة
محطات رئيسة
في عام ١٨٩٤، ببيت علم ودين في إحدى قرى مركز دسوق بمحافظة كفر الشيخ وُلد الشيخ محمد عبد الله دراز، وختم القرآن قبل عقده الأول ثم انتقل برفقة والده إلى الإسكندرية عام ١٩٠٥ ليحصل على الشهادة الابتدائية بعد سنوات ثلاث من انتقاله، ثم الشهادة الثانوية من الجامع الأحمدي بطنطا بعد أربع سنوات أخرى، ثم عاد أدراجه إلى الإسكندرية لينال الشهادة العالمية من معهدها الأزهري بتفوق وفيه قضى أُولى حياته المهنية، وكان يدرِّس في الصباح ويتعلم الفرنسية في المساء حتى أتقنها في ثلاث سنوات فقط متفوقًا على أترابه، وأفادته الفرنسية ثوريًّا خلال حركة التحرر من الاستعمار البريطاني، وعلميًّا حين حصل على منحة دراسية بجامعة السوربون لمدة اثنتي عشرة سنة هضم فيها الثقافة الغربية فلسفةً وأخلاقًا، وحاز شهادتي الليسانس والدكتوراه مستحوذًا على إعجاب واهتمام المشرفين، ولما رجع إلى مصر انضم إلى هيئة كبار العلماء وعمل محاضرًا لمواد تاريخ الأديان وفلسفة الأخلاق والتفسير في كليات الآداب ودار العلوم واللغة العربية، وألقى محاضرات وندوات في عدد من الهيئات العلمية، ووافت الشيخَ المنيةُ عام ١٩٥٨ خلال مؤتمر الثقافة الإسلامية بباكستان قبل أن يلقي كلمته، ورثاه الشيخ شلتوت بقوله: «لقد مات مشعل النور الذي أطفأ مشاعل الجهل».
اتصف الشيخ دراز بالفطنة والتواضع ولباقة الحديث، وكان معرضًا عن الدنيا مقبلًا على الآخرة، كثير الذكر لله وتلاوة القرآن، وكان عزيز النفس، يحمل همَّ الرسالة التي يحملها، فلم يثنِه الاحتلال النازي لفرنسا عن مواصلة تعليمه هناك، وكان جريئًا في الحق مقدامًا عليه؛ ففي فرنسا طالب بتحرير الطلاب المصريين الذين اعتقلتهم سلطات النازية ودعم حركات التحرر في المغرب العربي، وفي مصر قاوم سلطات الاحتلال البريطاني وانتقد سياسة الملك، وبعد انقلاب 1952 رفض منصب مشيخة الأزهر إلا باشتراط استقلالية الأزهر الذي أباه العسكريون الجدد ولم يخضع لضغوطهم لوصف جماعة الإخوان بالخوارج.
الفكرة من كتاب فيلسوف القرآن الكريم محمد عبد الله دراز: حياته وآثاره
عندما نتحدَّث عن الشيخ محمد عبد الله دراز فإننا نتكلم عن عَلَمٍ من أعلام المجددين المعاصرين، وعقلٍ من خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين الذين لم ينالوا من الشهرة والانتشار ما يوازي مكانتهم العلمية والفكرية رغم أن أفكاره وكتبه لم تأتِ إلا بالطريف والجديد، وابتدع منهجية لم يسبقه إليها أحد من قبل في قضيتي مصدرية القرآن الكريم وعلم الأخلاق القرآنية، والمثير في حياة الشيخ دراز أنه من أولئك الذين درسوا في الغرب سنوات طويلة، فما رجع كغيره ناقمًا على الشرق وتراثه أو ظل متصلبًا على أفكاره فلم يستفد من علوم الغرب شيئًا، بل هضم علوم الغرب ووعاها أصولًا وفروعًا، ثم نقدها بقوة في عقر دارها مستمدًّا العون من ثقافته الشرعية الواسعة وعلمه الغزير الناصع؛ فأثار إعجاب الغربيين قبل أن يسمع به أبناء جلدته!
مؤلف كتاب فيلسوف القرآن الكريم محمد عبد الله دراز: حياته وآثاره
محمد بن المختار الشنقيطي: باحث أكاديمي وناشط سياسي ومؤلف موريتاني، وُلد سنة ١٩٦٦، يعمل أستاذًا مشاركًا في الأخلاقيات السياسية وتاريخ الأديان في جامعة حمد بن خليفة، وحصل على درجات علمية في الفقه والترجمة وإدارة الأعمال، وله إسهامات عن الربيع العربي والحضارة الإسلامية والحداثة الإسلامية، وتُرجمت مؤلفاته ودراساته إلى عدد من اللغات من بينها التركية والألبانية والفارسية.
من مؤلفاته:
– الخلافات السياسية بين الصحابة.
– البحث عن دين الفطرة.
– خيرة العقول المسلمة في القرن العشرين.