محددات التفوُّق العقلي
محددات التفوُّق العقلي
يقبع معظم الأفراد في دائرة الأشخاص العاديين، وقليل منهم ممن يزيدون بفارق وحدتين أو أكثر عن المتوسط العام للذكاء والنمو العقلي هم من يمكن اعتبارهم متفوقين، ويقر الباحثون بأهمية العوامل الوراثية، وأن لها نسبة 80٪ من الذكاء، بينما يرى آخرون أن تأثير العوامل البيئية أكبر، وتبين الإحصاءات أن أكثر المتفوقين نشأوا في بيئات غنية ثقافيًّا؛ أي إن البيئة تحدد كيفية ترجمة الاستعدادات الجينية والتعبير عنها في صورة موهبة أو أداء متميز، وتتجه وظائف الوراثة بالتقلُّص بالانتقال من المكونات الجسدية إلى القدرات العقلية، انتهاءً بالانفعالات الاجتماعية والوجدانية، ورغم ذلك؛ فإن هناك عوامل بيولوجية أخرى تقول كلمتها في كبح أو انطلاق القدرات والمواهب تتمثل في سلامة الجسم والحواس والأعصاب ونوعية الغذاء.
ويوضح الكتاب أثر العوامل الوراثية من جهتين: الأولى- أن السلوك الذكي يصدر عن فروق تكوينية في الحواس والجهاز العصبي، فتؤثر في نمو الطفل وتحسن قدراته السمعية والبصرية، والثانية- أن المواليد يتباينون في النشاط الاستدلالي المنظم للمخ، فيتفاوتون في القدرة على انتقاء الخبرات والربط بينها، ثم ينمو الذكاء مع استمرارية تلقي الخبرات.
من أدلة أهمية العامل الوراثي التشابه الكبير في التوائم في الصفات الجسمية والعقلية؛ وإذا ما تربى توأمان في بيئات مختلفة فإنهما يختلفان في السلوك الاجتماعي، بينما تظل القدرات العقلية متقاربة، وتبقى للبيئة أثرها البالغ؛ فالمحيط الاجتماعي المنفتح يحفِّز الطاقات والمواهب بخلاف البيئات المنغلقة، والأطفال المتفوقون عقليًّا داخل المجتمعات المتخلفة والفقيرة يعانون صعوبة التعرُّف على إمكانياتهم أو استغلالها، وتفوتهم الفرصة في الالتحاق بنوع التعليم الذي يوافق طموحاتهم.
وللأسرة دور كبير في النمو العقلي للطفل، وبخاصةٍ في المراحل المبكرة، بما توفره له من مناخ ثقافي وتربوي وعاطفي، وخلاصة الدراسات تشير إلى أن أسر المتفوقين يتسمون بالتسامح ومرونة التعامل والتدعيم الوجداني وتهيئة الظروف المناسبة لإثارة الجوانب العقلية في أبنائهم، وأقل ميلًا إلى السيطرة والتسلُّط، بل يشجعون الاستقلالية والاعتماد على النفس، ويتخذ المناخ العام للأسرة الطابع الفكري والتوافقي بين أفرادها، وهم من ذوي الدخل فوق المتوسط ويعيشون في المدن غالبًا.
الفكرة من كتاب المتفوقون عقليًّا
لم تكن رعاية المتفوقين وأصحاب القدرات الخارقة ترفًا من الفكر أو نفلًا من العمل بل واجب تربوي ضروري لتحسين المجتمع، ومسألة جوهرية في أي نظام تعليمي يهدف إلى تخريج الكوادر والكفاءات. لكن ما معنى التفوُّق العقلي؟ وكيف نكتشف المتفوقين؟ وكيف نضع برامج مناسبة لرعايتهم يمكن تطبيقها بمرونة واحترافية وتحديد دور الأسرة والمدرسة والمتخصصين فيها؟ في هذا الكتاب يُسلِّط المؤلفان الضوء تجاه تلك الأسئلة وغيرها، محاولَين التوفيق بين الإجابات المتعددة لها.
مؤلف كتاب المتفوقون عقليًّا
د. عبد الرحمن سيد سليمان: أستاذ ورئيس قسم التربية الخاصة بجامعة عين شمس، تخرَّج في الجامعة عام 1974 ثم خلال عامين اجتاز دبلومة الصحة النفسية والتربية الخاصة، قبل أن ينال درجتي الماجستير والدكتوراه.
له إسهامات عديدة في مجال تربية الأطفال والمراهقين، ومن أبرز مؤلفاته: “مناهج البحث التربوي”، و”الذاتوية.. إعاقة التوحد لدى الأطفال”.
د. صفاء غازي أحمد: كاتبة وأكاديمية مجتهدة، تدرَّجت حياتها المهنية من الخدمة بوزارة التربية والتعليم إلى مدرس مساعد بكلية التربية جامعة عين شمس إلى أستاذ مساعد بقسم علم النفس بجامعة الملك سعود، ودرست في كلية الآداب قسم علم النفس، ثم حازت بعد تخرُّجها أربع درجات علمية شملت دبلومتين تربويتين وشهادتي الماجستير والدكتوراه. ومن أبرز مؤلفاتها: “المرجع في التربية الخاصة”.