محبة الله والأنس به
محبة الله والأنس به
لو أن شخصًا اجتمعت فيه صفات الرحمة والصدق والوفاء والعدل والحكمة والإحسان -فهو معطاء للخير رحيم- لكان ذلك مدعاة لحبه والثناء عليه- ولله المثل الأعلى- فكيف بمن اجتمعت له كل هذه الصفات وغيرها من صفات الكمال والجمال والبر والإحسان والإنعام؟ يقول ابن القيم: “فإذا انضم داعي الإحسان والإنعام إلى داعي الكمال والجمال لم يتخَّلف عن محبة من كان هذا شأنه إلا أردأ القلوب وأخبثها وأشدها نقصًا وأبعدها عن كل خير”، ومحبة الله ليست كلامًا يُدَّعى وإنما هي عند الصادقين معنى يجمع بين الإخلاص لله وحده واتباع نبيه ظاهرًا وباطنًا، وكل أسماء الله تفضي إلى محبته، فهو الله، الرحمن، الرحيم، الطيب، الغفور، اللطيف، التواب، الكريم، الغفار، الرؤوف، المجيب، الواسع، القريب، الرزاق، المعطي، الغني، السلام، المؤمن.
فاسم (الله جل جلاله) هو اسم على الذات الإلهية المستحقة لجميع المحامد، وهي من الإله أي المستحق للعبادة محبةً وتعظيمًا وخضوعًا، ولا يكتمل إيمان المرء حتى يكون حب الله ورسوله مقدمًا على حب نفسه وأهله وولده والدنيا بأسرها، والإيمان بهذا الاسم يملأ القلب طمأنينة وسعادة وأنسًا به سبحانه، و(الرحمن) هو ذو الرحمة الواسعة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا والمؤمنين في الآخرة، و(الرحيم) هو ذو الرحمة للمؤمنين خاصة، والرحمة من صفات كمال الله التي تليق بذاته.
ورحمة الله بعباده على وجهين: رحمة عامة لجميع خلقه برزقهم النعم والعطايا، ورحمة خاصة لعباده المؤمنين بهدايتهم وتثبيتهم على الصراط المستقيم الذي يرضاه لهم ونصرتهم وإنعامهم ورزقهم الصبر واليقين عند المصائب وكل ذلك في الدنيا، أما الآخرة فيرحمهم فيها بعفوه عما اقترفوه في دنياهم ويحل عليهم رضوانه ويدخلهم الجنة، وأعظم ما يستجلِب به المرء رحمة الله فعل الخيرات واجتناب ما يسخط الله والبر والإحسان لخلقه والاستغفار على الدوام، والإيمان بهذا الاسم يورث في القلب التعلق والرجاء في الله وحده عمن سواه، فرحمته وسِعت كل شيء.
وأما اسم الله (الطيب) فهو يعني المنزَّه عن النقائص، فهو طيب في أقواله وأفعاله وصفاته لا يقبل إلا الطيب، والإيمان بهذا الاسم يدفع العباد للتقرب إلى الله بأطيب الأقوال والأعمال المنبعثة عن طيب المقاصد والنيات.
الفكرة من كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
العلم بأسماء الله وصفاته هو أجلُّ العلوم وأنفعها وأشرفها بما تورث في القلوب من محبة الله وخشيته وتعظيمه، ومن رحمة الله بعباده أن جعل توحيده ومعرفته أمرًا راسخًا في الفطرة والعقل إجمالًا إلا أن يطرأ عليهما ما يفسدهما من محدثات الأمور والنفوس، فلا سعادة للعباد ولا صلاح لهم إلا بمعرفة خالقهم، فهو سبحانه غاية مطالبهم وتعرفهم عليه قرة أعينهم كما قال الإمام ابن القيم، وبحسب معرفة العبد بربه يكون إيمانه، ولا تتحصَّل المعرفة إلا بتلاوة كتابه وتدبُّر أسمائه وصفاته.
مؤلف كتاب ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها
عبد العزيز ناصر الجليل: كاتب وطبيب صيدلي، حصل على بكالوريوس صيدلة وعلوم صيدلة من جامعة الرياض.
عمل مديرًا لدار طيبة للنشر والتوزيع مدة عشرين عامًا، ثم مشرفًا على المكتب العلمي في الدار.
ومن أشهر مؤلفاته: سلسلة وقفات تربوية ومنارات في الطريق، والميزان في الحكم على الأعيان.