محاولة تثبيت سعر العملات بعد الحرب
محاولة تثبيت سعر العملات بعد الحرب
ظلت الدول تتضارب للرجوع إلى الذهب وتثبيت عملاتها عليه، لكن لم يلبث هذا الثبات إلا مدة قليلة، جراء اهتمام كل بلد بمصلحته متجاهًلا مصالح الدول الأخرى، فمنذ بداية سنة 1929م، وحالُ العملات في تدهور إثر عوامل عدة أثرت في الاقتصاد السياسي للدول مما دفعها إلى التنازل عن قاعدة الذهب، ومنها اتفاقية الصلح التي أنشأتها دول أوربا، من فرض عقوبات على ألمانيا مما أضر بعملتها “المارك”، كما أن وجهات النظر المتضاربة أفْضَت إلى تفاقم النزاع والاضطراب
ومما زاد الأمرَ سوءًا الفسادُ في مبادئ التعويضات والديون الدولية، وأضف إلى ذلك سياسة الاكتفاء المتبعة، وقلة الذهب وسوء توزيعه، إلى ردة الفعل التي تحدث في المعاملات والصناعة من جراء تثبيت النقود، مما دفع كلًّا من إنجلترا والولايات المتحدة إلى التنازل عن قاعدة الذهب، ومن ثم تبعتهما فرنسا بعد أن كانت ضد تلك الفكرة،
ظنًّا منها أن الذهب الذي كان في حوزتها سيحمي “الفرنك” من الانهيار، لكن بعد ما عانته من جراء هذا القرار، اتبعت سياسة إنجلترا والولايات المتحدة نفسها بعدما اتفقوا على خلق توازن بين عملاتهم الدولية، ومن ثم لم يقتصر الأمر على هؤلاء الثلاثة، بل انضمت إليهم معظم دول أوربا في هذا القرار.
الفكرة من كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
لم يكن الإنسان بادئ أمره عارفًا بالنقود وأنواعها، ولا المعادن وطرائق ضربها، بل كان إذا بدت له حاجة أخذها بالقوة، وإلا انصرف عنها، حتى أعمل عقله في ما حوله واتخذ مما يجده أداة لتلبية حاجاته، من اتخاذ الحجارة المدببة للدفاع عن النفس، أو لصيد ما يسد رمقه به، ثم لم يلبث أن اتخذ من المبادلة أسلوبًا في تعامله مع غيره، ليحصل على اللحوم والجلود، لكن اللحوم كانت سريعًا ما تفسد فراجت المبادلة أكثر في الجلود والعظام، فكيف تحولت المبادلة من احتياج أَوَّلِيٍّ إلى نقود وعملات تقوم عليها الدول وتهبط؟
يصحبنا الكاتب في رحلة منذ بداية التعامل بالتبادل إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية، فيقص علينا أصل النقود، ومن ثم كيفيتها عند الشعوب القديمة من فُرس وإغريق ورومان، ومن ثم ظهور الإسلام، وكيف تعامل مع العملة، كما يصحبنا من العصور الوسطى، ومتى ظهر الورق، إلى التحول الذي أحدثته الحروب في السياسة المالية، وكيف أثرت فيها.
مؤلف كتاب موجز النقود والسياسة النقدية
زكريا مهران: كاتب، ومالي وحقوقي مصري، تخرج في مدرسة الحقوق عام 1920م، واشتغل بالمحاماة لمدة، ثم انصرف إلى الاقتصاد فعمل مع “طلعت حرب” في بنك مصر وشركاته، ثم عُيِّنَ عضوًا في مجلس الشيوخ، وقد وافته المنية بشكل مفاجئ في إحدى جلسات المجلس عام 1949م، ومن أهم مؤلفاته:
البنك المركزي في العصور المختلفة.
التاريخ يفسر التضخم والتقلص.