محاولة إنقاذ
محاولة إنقاذ
من المفترض ألا يُنظر إلى الثورة على أنها ولادة جديدة أو نهاية الصراع، بل هي بدايته، إذ لم تعد هناك طبقة منقذة أو حزب منقذ، وليس الحل في غزو السلطة أو إقصاء الطبقة المهيمنة، لأنه فوق كل أرض تُسَوَّى، تنشأ طبقة جديدة وهيمنة جديدة.
إن الثورة الحقيقية التي بإمكانها أن تولد تغييرًا هي الثورة التي تتعاون فيها كل الفئات من أجل هدف أوحد وأشمل، فكل تحول فردي أو محلي سيؤثر بلا شك في التحول العام، وكل تحول في البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية ضروري لاستكمال التغيير.
ينبغي أن يُنظر إلى الثورة على أنها مفهوم متعدد الأبعاد، كل بعد عبارة عن حلقة في سلسلة كبيرة من التغيير، وإن لم تجد تلك الحلقة ما يندمج معها فسوف تسقط، وهكذا يتفرق المجموع إلى أجزاء صغيرة، وتعود الإنسانية إلى نقطة الصفر حيث البدء من جديد، وعلى كاهل كل فرد تقع مسؤولية التغيير، وقد يسهل الأمر اختفاء مفهوم المنقذ التاريخي لأن ذلك يعيد توزيع الأدوار ويعطي لكل فرد دوره ورسالته.
علينا أن نفهم أن الإنسانية في طور المخاض، ولن تكتمل ولادتها إلا من خلالنا، حينما يرى كل فرد أن “الغير” في دائرة تواصله “قريب”، وعلينا أن نفهم أيضًا أن الإنسانية ستتكون فقط عندما نوقظ الشعور بها داخل كل فرد.
الفكرة من كتاب إلى أين يسير العالم؟
هل نحن بخير؟ ربما تخلصت الإنسانية من الأوبئة والأمراض التي أرّقت مضاجعها طيلة قرون، وربما تمكنت من غزو الفضاء واكتشاف تقنيات لعيش حياة أفضل، لقد أردت أن أخبرك أن العالم على وشك أن يصل أخيرًا إلى السلام، إلا أن هيروشيما ومعتقلات النازية والسياسة الستالينية تخبرك بغير ذلك.
قد يبدو العالم اليوم في صراع من أجل السلام، لكنه في الحقيقة في صراع من أجل البقاء، وخطته المزعومة نحو السلام قادته فقط إلى ابتكار مزيد من تقنيات التسلح وأساليب الإبادة!
فهل هذه الإنسانية التي حلمنا بها، أم إنها كانت جنينًا قُتِل عمدًا في مهده قبل أن يرى النور؟
يقدم إدغار موران في هذا الكتاب نظرته الذاتية عن القرن العشرين، ويولد مفاهيم جديدة لمصطلحات ظننا أننا نعرفها، مثل: الأزمة، والثورة، والتقدم، والحضارة، مستعينًا بخبرته التي اكتسبها من الأهوال التي عاصرها في الحربين العالميتين وفيتنام وكوبا والجزائر وغيرهم، مما انفردت به الساحة الدموية للقرن العشرين.
مؤلف كتاب إلى أين يسير العالم؟
إدغار موران: ولد عام 1921م، وهو أحد الفلاسفة وعلماء الاجتماع في فرنسا، ومدير فخري للأبحاث بالمركز الوطني للأبحاث العلمية، وصاحب نظرية التعقيد واستراتيجية الفكر المركب، وأحد المنظرين للمقاربة العبرمناهجية، ويعتبر من أهم المحللين للفكر المعاصر ولتاريخ الثقافة الأوربية والعالمية.
حاز عدة جوائز من بينها دكتوراه فخرية في عديد من جامعات دول العالم وجائزة شارل فايون للكتاب. وله عديد من المؤلفات منها:
ثقافة أوروبا وبربريتها.
هل نسير إلى الهاوية.
الفكر والمستقبل مدخل إلى الفكر المركب.
عنف العالم مع جان بودريارد.
معلومات عن المترجم:
أحمد العلمي: أستاذ الفلسفة ورئيس قسمها في جامعة ابن طفيل في مدينة القنيطرة بالمغرب، وعضو هيئة تحرير مجلة مدارات فلسفية، له عديد من المؤلفات باللغتين العربية والفرنسية في مجال اختصاصه.