محاولات لضبط الجري
محاولات لضبط الجري
عانى الركض -على مستوى الممارسة- كثيرًا، فكان العداؤون يمارسون شتى أنواع الخدع والمراوغات، كمحاكاة أداء باهت، أو تعمد الخسارة في السباقات التحضيرية لزيادة الرهانات والتلاعب بالنتائج، وكان الجمهور الغاضب يتعامل بعنف مع العدائين الفائزين ضد من راهنوا عليهم، فلجأ العداء إلى لبس قناع من التخفي والهرب للعودة إلى مدينته بسلام، حتى بداية الركض المحترف النظامي ببريطانيا في القرن التاسع عشر، التي حاولت توحيد السجلات الرياضية وظروف السباقات، وصياغة قواعد منتظمة للاحتكام إليها، وكان من أهمها عدم جواز قبول العداء المحترف مالًا مقابل ركضه، بينما دار صراع حول تحديد الفئات المسموح لها بأن تجري.
وفي عام 1892م، تَقدم اقتراح إلى اللجنة الأولمبية الدولية، لإحياء الألعاب الأولمبية وتنظيمها تكريمًا لذكرى الرسول الراكض الذي حمل خبر انتصار أثينا على الفرس جريًا، من مدينة ماراثون إلى أثينا عام 490 قبل الميلاد، ومن هنا بدأت دورة الألعاب الأولمبية -ومن ضمنها الركض بالطبع- بالسفر حول دول العالم المختلفة، من فرنسا إلى المجر وأمريكا، مخلدة ذكرى الرسول الراكض.
ولكن معاناة توحيد كيفية الركض ما زالت قائمة، حتى طال الاختلاف شكل المسار الذي تعددت أشكاله وأشهرها شكل حرف الـU، بالإضافة إلى مشكلة السجلات الرياضية، وشبهات الغش واختلاف طرائق وظروف القياس، ولكن الركض كان على موعد مع تغيير جديد، ففي عام 1861م بدأ لاعبو كرة القدم في استخدام أحذية مخصصة للجري واللعب، فانتقلت العدوى إلى العدائين، وبدأ الإنجليز أولًا، وانتشرت أحذية الجري في العالم على أيدي الأخوين رودي وأدي داسلر، رائدي صناعة الأحذية الرياضية، واختلافهما بعد الحرب العالمية الثانية أدى إلى انقسامهما وإنشاء علامتي بوما وأديداس.
الفكرة من كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
متى بدأ الإنسان في الجري؟ لا توجد إجابة أكيدة، فالجري قديم قدم الإنسان نفسه، ولم ينحصر في حضارة دون أخرى، فلقد ركض الفراعنة والسومريون، وتسابق العداؤون اليونانيون في الساحات الأولمبية، حتى أوربا وآسيا لم تسلما من عدوى الركض.
سَنَجُوب قارات العالم القديم والحديث لنسمع الحكايات الشعبية عن الركض، ونكتشف الأساطير المرتبطة به، ونفهم لماذا قدس القدماء الجري، ونعلم كيف أضفت جميع الثقافات لمستها الخاصة على الجري، وماذا مثّل لهم، وما المراحل التي مر بها حتى أصبح وسيلة لكسب المال، ومدى إمكانية أن يغيّر الجري من حياتك.
مؤلف كتاب الجري: تاريخ غير تقليدي
ثور جوتاس: هو مؤرخ فلكلوري نرويجي، ولد في برومندال عام 1965م، يعمل محررًا رياضيًّا ومعلقًا للأحداث الرياضية على التلفزيون النرويجي، وقد شارك أيضًا في عديد من الفاعليات الرياضية الكبرى حول العالم، بالإضافة إلى أنه ألقى المئات من المحاضرات على مدى السنوات العشرة الماضية في عديد من السياقات المختلفة، كما أنه أعطى صوتًا لأحد عشر مسلسلًا إذاعيًّا حول مواد كتابه الخاصة.
ويعد ثور جوتاس من أهم الكتاب في مجال الركض، وله تأثير كبير في المجتمع الرياضي النرويجي والعالمي، وقد ألَّف عديدًا من الكتب التي تناولت تاريخ الركض منذ أيام الإغريق القدماء حتى العصر الحديث، ومن أشهر كتبه:
Magnus
Brødrene kvalheim – to løperliv
Taterne – livskampen og eventyre
معلومات عن المترجمة:
نادين الخطيب: مترجمة ورسامة سورية، ولدت في دمشق عام 1977م، حصلت على درجة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من جامعة دمشق، ثم درست الترجمة في جامعة البعث في حمص، وعملت مترجمة للغات الإنجليزية والفرنسية والإسبانية، وأيضًا رسامة للكاريكاتير والرسوم المصورة، قدّمت أعمالها في معارض فنية دولية، وحصلت على جوائز عديدة عن أعمالها الفنية، ومن الأعمال التي شاركت في رسمها: بعض أعمال سلسلة صديقي شوشو.