محاسبة النفس واليقين بالجزاء
محاسبة النفس واليقين بالجزاء
وعلى كل عاقل أن يحاسب نفسه يوميًّا، فيتوب من أخطائه ويستدرك ما فاته، فكسل شهور أشق وأصعب في النهوض منه من كسل يوم أو يومين، لذا لا ينبغي أن يترك الإنسان نفسه غافلًا دون مراجعة ومحاسبة، والمحاسبة تعود على صاحبها إما بتوبة، وإما بتصحيح مسار، أو بشكر واستمرار، أو بمنافسة للأخيار، ولتصحِّح مسارك ينبغي أن تعرف منابع الكسل، وهي الإسراف في المباحات، والملل ويكون طرده بتنوُّع الطاعات، والغلو بأن يشدَّ المرء على نفسه ويحملها ما لا تطيق.
إن اليقين بالجزاء واستحضار الجنة ونعيمها الأبدي والراحة التي ليس بعدها شقاء، ورؤية وجه الله الكريم، وصحبة النبي، لهو الحافز الذي يدفع العاقل ويخرجه من كسله وتراخيه، أعن الجنة نتراخى؟ ففي مقابل ماذا؟ وهل نكون ممن يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟ فكيف نزاحم ساكني الفردوس بالكسل؟ وأنَّى نجد لنا في الجنة موطئ قدم دون كدٍّ وجهد وبذل؟
ولذا قال ابن رجب: “من لم يعرف ثواب الأعمال ثقلت عليه في جميع الأحوال”، وكان النبي ﷺ يقول عن المتخلِّفين عن صلاتي الفجر والعشاء: “لو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا”، فعظم الجزاء وقود العمل، ومن لم يدفعه حسن العاقبة يردعه سوؤها، فكما أن هناك يقينًا بالجنة، هناك اليقين بالنار وشقائها لمن فرط في حق الله وتكاسل عن العبادات والأعمال وبذل الحقوق، فلنقِ أنفسنا وأهلينا نارًا وقودها الناس والحجارة، ولنسارع إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
الفكرة من كتاب الحرب على الكسل
الكسل هو التثاقل عن الأشياء المهمة، وهو داء يجر الوبال على صاحبه، إذ لا يأخذ من دنيا المرء فقط، بل من دنياه وآخرته كليهما، وكلما ازداد المرء كسلًا، أصابه الفراغ والتبلُّد، يقول الإمام الراغب: “من تعطَّل وتبطَّل انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى، لأن الفراغ يبطل الهيئات الإنسانية، فكل عضو تُرِك استعماله يبطل، وكما أن البدن يتعوَّد الرفاهية بالكسل، كذلك النفس بترك النظر والتفكُّر تتبلَّد وتتبلَّه، وترجع إلى رتبة البهائم”.
مؤلف كتاب الحرب على الكسل
خالد أبو شادي: طبيب صيدلي وداعية إسلامي، ولد في مصر عام 1973، درس في الكويت ثم أكمل دراسته الجامعية بالقاهرة، له كتب ومحاضرات توعوية متميزة، وعُرف بعنايته بتزكية القلوب والجانب الإيماني، ويتميَّز أسلوبه بالسهولة والقرب لكثير من الشباب.
من مؤلفاته: “أول مرة أصلي”، و”ونَطق الحجاب”، و”صفقات رابحة” و”بأي قلب نلقاه”، و”هبِّي يا رياح الإيمان”، وله برنامج تلفزيوني بعنوان “وتستمر المعركة”.