مجموعات التعافي والمساعدون الذاتيون
مجموعات التعافي والمساعدون الذاتيون
ظهرت عديد من مجموعات التعافي التي تعمل على تعزيز النرجسية عبر التركيز على مشكلات الشخص النفسية، وإلقاء اللوم على أفعال الآخرين، فرسَّخت في نفس النرجسي أنه إنسان جيد وفي الوقت نفسه ضحية للآخرين، ويمكن ملاحظة ذلك بجلاء في البرامج التلفزيونية، إذ يسرد الضيوف القصص الحزينة التي تركز على سوء معاملة الآخرين لهم، ويصفق الجمهور بالرغم من أن هذه القصص لا تخرج عن كونها عروضًا مسرحية تمنح الشخص الضحية الشهرة لا أكثر.
بيد أن الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، إذ يوجد ما يطلق عليهم “المساعدون الذاتيون”، وهم أشخاص يتبنون النظريات الذاتانية للأفراد، وهدفهم هو مساعدة الناس ليصبحوا أكثر استقلالًا ووعيًا بالواقع، وتطوير علاقات إنسانية إبداعية تهدف إلى نجاح الأعمال والفوز في لعبة الحياة، وشعارهم “لقد ولدت لتفوز”، وبالكاد يمكن حصر تلك النظريات، إذ إنها تتعدد بتعدد المؤلفين، وهو ما يشير إلى أن شهية الجمهور لا تشبع من هذه النوعية من الكتب التي تمتلئ بها المكتبات.
ومن الأساليب التي يلجأ إليها أرباب النظريات الذاتانية، هي المساعدة الذاتية عبر الجنس، ففي نظرهم لا يمكن التعبير عن الحب إلا من خلال الجنس، ومن ثمَّ ينادون بكل أشكال الانفتاح عليه، فحولوا الجنس من وظيفته الإنجابية إلى وظيفة ترفيهية متعية عبر كسر الحواجر الثقافية، والتغلب على العادات والتقاليد، والانفتاح على التجربة الشخصية والحسية، وبناءً على ذلك أصبح الجنس في خدمة الذات، وفي هذا الإطار زعم مؤلفا كتاب “الزواج المفتوح” نينا وجورج أونيل -وهما زوجان- أنه لا بد من تخليص الجنس من عناصر الواجب والالتزام التي تهدد الحب، ومن ثمَّ أعادا تعريف الإخلاص الجنسي بين الزوجين، وجعلاه شاملًا للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج لتحقيق الثقة والنضج، لكن بعد سنوات قليلة من نشر فكرتهما تدمرت علاقتهما الزوجية وانفصلا!
وهو ما يشير إلى أن انتشار عديد من كتب التنمية الذاتية التي تتحدث عن الرضا الزوجي والجنسي لم يكن كافيًا للحد من حالات الطلاق، بل زاد منها، ويُعزى ذلك إلى أن القيم التي قدمتها النظرية الذاتانية قد تجاهلت أن الاستقلالية التامة في العلاقات الإنسانية شيء من المستحيلات!
الفكرة من كتاب علم النفس دينًا.. مذهب عبادة الذات
شاعت في السنوات الماضية عبارات مثل: “أنت تستطيع“، “يمكنك أن تفوز“، “ليس هناك مستحيل“، كما رُوِّج لمصطلحات مثل: “تحقيق الذات” عن طريق المقالات والكتب والتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي والدورات التدريبية والمحاضرات، وحتى الأفلام والمسلسلات، وكلها تدور حول التمركز حول الذات وتقديم وصفات أشبه بالوجبات السريعة لتحقيق الأهداف الفردية وبلوغ النجاح في الحياة،
هذا بغض النظر عن تأثيرات ذلك في المجتمع، ومنبع كل ذلك هو علم النفس الذاتي الذي يمجد القيمة الفردية الشخصية، ما يجعل الإنسان يدور في فلك نفسه فقط، باحثًا عن الفائدة والمنفعة في أي علاقة إنسانية، وقد نتج عن ذلك العزلة والوحدة، ومن هنا يهدف هذا الكتاب إلى وضع علم النفس في حجمه الحقيقي، وإزالة الهالة الكاذبة التي تحيط به، ويوضح أن علم النفس تحول إلى دين وأيديولوجيا، وأصبح يعتمد على المشاعر أكثر من اعتماده على العلم، فصار جزءًا من مشكلة المجتمع المعاصر، وليس جزءًا من الحل.
مؤلف كتاب علم النفس دينًا.. مذهب عبادة الذات
بول سي. فيتز: هو عالم نفسي أمريكي، وأحد كبار الباحثين في جامعة Divine Mercy في سترلينج بولاية فيرجينيا، وهو أستاذ فخري لعلم النفس بجامعة نيويورك، متخصص في العلاقة بين علم النفس والدين، من مؤلفاته:
نفسية الإلحاد.
Modern art and modern science: The Parallel Analysis of Vision
Defending the Family: A Sourcebook
معلومات عن المترجم:
عبد القادر مساعد الجهني: هو طبيب أطفال، ومدرب في المجال الطبي، ومن المهتمين بالتعليم الطبي والتثقيف الصحي، ومهتم أيضًا بالأدب والشعر. ومن ترجماته:
هل جيناتي جعلتني هكذا؟