متابعة المفاوضات وأيامه الأخيرة
متابعة المفاوضات وأيامه الأخيرة
رأى الفرنج وملكهم – ريتشارد – أن يعرضوا متابعة المفاوضات بالصلح، فأرسلوا رسلهم إلى صلاح الدين، ولكن ما كان يعيق الصلح هو طلبهم بأن تكون عسقلان لهم، فرفض السلطان ذلك، فيئسوا حتى نزلوا عن طلبهم لعسقلان مقابل هدم دفاعاتها.
وتم الصلح الذي نصَّ على تخلي الفرنجة عن عسقلان والدارون، وأن تبقى لهم مدن الساحل – صور ويافا وقيسارية وحيفا وأرسوف – ويكون بيت المقدس تحت سيطرة المسلمين على أن يُسمح للحجاج المسيحيين بزيارته، وأن تكون مدينة الرملة واللّد مناصفة بين المسلمين والفرنج، وقد وافق الطرفان على تلك البنود، وغادر ملك الفرنج أخيرًا عام خمسمائة وثمانية وثمانين من الهجرة 588 هـ.
وبعدما انقضى الصلح أصدر السلطان صلاح الدين دستورًا بعودة العساكر لأوطانهم، وقرر الذهاب إلى بعض المدن، فبدأ بالقدس ثم ذهب إلى بيروت ودمشق، واهتم في تلك الفترة بإعمار المدن والنظر في أحوال الناس ومظالمهم، لكن أصابه مرض الحُمَّى الصفراوية، وساءت حالتُه، ولما أحس بقرب أجله أحضر أبناءه وإخوته لتحليفهم، وامتد مرضُه عشرة أيام، حتى توفاه الله في السابع والعشرين من صفر عام خمسمائة وتسعة وثمانين من الهجرة 589 هـ، فأفجع موته المسلمين وغير المسلمين، وقد ذكر الكاتب أنه كان يومًا لم يُصب الإسلام والمسلمون بمثله منذ فقدوا الخلفاء الراشدين.
الفكرة من كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
حينما نتذكر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، يتوقف وعينا عنه عند لحظة انتصاره في معركة حطين واسترداد القدس فقط، ولا ندري أن بداية الصراعات قد بدأت بعد ذلك، بل يرى بعض المؤرخين أنَّ ما حل بعد ذلك لا يقل أهمية عن صعودِه وتوحيده بلاد مصر والشام لاسترداد القدس.
وفي هذا الكتاب الذي يُعدُّ مرجعًا تاريخيًّا لأحد الذين عاصروا صلاح الدين وكانوا قريبين منه، يركز الكاتب على فترة صعود الملك الناصر وفتوحاته ومعاركه، حتى ندرك أن حياته ما كانت إلا للجهاد.
مؤلف كتاب سيرة صلاح الدين الأيوبي
أبو المحاسن بهاء بن شداد (1145- 1284): قاضٍ ومؤرخ مسلم، عاصر صلاح الدين الأيوبي ومعاركه، وكان أحد مستشاريه الرئيسيين، عُرف عنه صدق مؤرخاته، ونال ثقة العلماء والمؤرخين.
له العديد من المؤلفات والكتب أهمها:
فضائل الجهاد.
الموجز الباهر.
البراهين على الأحكام.
ملجأ القضاة من غموض الأحكام.