مبدأ المشروطية والتدخل في سيادة الدول المدينة
مبدأ المشروطية والتدخل في سيادة الدول المدينة
شهدت بعض الدول موجة من الانتعاش الاقتصادي المتصاعد في أثناء فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، لذا ناشد عدد ضئيل فقط من الدول صندوق النقد الدولي أن يمده بشيء من السيولة، بيد أن هذا الانتعاش الاقتصادي لا يعني أن قيادة الصندوق القابعة في واشنطن كانت في بيات شتوي، ففي عهد المدير الثاني لصندوق النقد الدولي الاقتصاد السويسري إيفار رووت بدأ ربط التمويل بشروط لا لبس فيها، واُستحدث ما يسمى بـ”اتفاقيات الاستعداد الائتماني”، كما اُستحدث أيضًا مبدأ المشروطية.
وينص مبدأ المشروطية على أن الموافقة على التمويل المطلوب أصبحت تتوقف على تنفيذ شروط معينة، منها إصدار “خطاب نوايا” تعرب فيه الدولة المعنية عن التزامها بتحقيق مجموعة من الأهداف الكمية المحددة التي تتصل بالأركان المالية لاقتصاد الدولة كخفض الدعم وتحرير العملة وتحرير الأسواق، والعمل على الاستقرار المالي والنقدي والنمو القابل للاستمرار، وسعي الدولة إلى التحكم في المشكلات المخيمة على ميزان المدفوعات. وبهذا الأسلوب الذكي من الصندوق نجد أنه أعطى المجتمع الدولي الانطباع بأن البلد المتعثر هو الطرف الذي اقترح على الصندوق الإجراءات الواردة في خطاب النوايا.
ولضمان عدم خروج البلد المستلف عن حظيرة الالتزام بما جاء في خطاب النوايا؛ تعمَّد صندوق النقد الدولي صرف القرض على مراحل، كما أصر أن يجرى التعامل مع هذه الاتفاقيات بوصفها سرًّا من الأسرار الواجب كتمانها، لذا اشترط الصندوق على أن الاتفاقيات التي يبرمها مع الدول المستلفة ليست اتفاقيات دولية، ومن ثَم فليست بحاجة إلى أن يصادق عليها برلمان الدول المعنية.
وفي عام 1978 جرى استكمال اللوائح الداخلية، السائدة في الصندوق، عبر ثلاث آليات جديدة؛ الآلية الأولى: المساندة المالية، وتعني أن الوظيفة الأساسية للصندوق هي منح البلدان النامية القروض، وتسهيل حصولها على الائتمان المنشود، والآلية الثانية: المساعدة الفنية، وتعني أن الصندوق حاز لنفسه حق المشاركة القوية في صلاحيات الجهاز الحكومي، وقرارات المصرف المركزي للدولة المعنية، والآلية الثالثة: الرقابة، أي حق مراقبة مدى الوفاء بمتطلبات الإدارة الرشيدة وتطبيق الإصلاحات في القطاعين القضائي والمالي، أو عبارة أخرى: “التدخل في سيادة الدولة المدينة له”.
الفكرة من كتاب صندوق النقد الدولي
يعدُّ صندوق النقد الدولي المؤسسة المركزية في النظام النقدي الدولي، أي نظام المدفوعات الدولية وأسعار صرف العملات الذي يسمح بإجراء المعاملات التجارية بين البلدان المختلفة، ويهدف الصندوق إلى منع وقوع الأزمات في النظام عن طريق تشجيع البلدان المختلفة على اعتماد سياسات اقتصادية سليمة.
يستعرض أرنست فولف في هذا الكتاب دور صندوق النقد الدولي في الأزمات العالمية، كما يرصد تطور سياسات الصندوق في مرحلة سبعينيات القرن الماضي وتبنيه قواعد النيوليبرالية (الليبرالية الحديثة) التي صاغتها مدرسة شيكاغو الاقتصادية، إذ مكنت هذه القواعد إدارة الصندوق من التدخل المباشر في سياسات الدول لبسط نفوذه، فالصندوق لا يساعد الدول على تجاوز أزماتها بقدر ما يستثمرها لتحقيق مصالحه الخاصة.
مؤلف كتاب صندوق النقد الدولي
أرنست فولف: كاتب ألماني، وُلد عام 1950. درس في الجامعات الأمريكية، وعمل أستاذًا للفلسفة في جامعة بريتوريا (جنوب أفريقيا)، كما عمل صحفيًّا ومترجمًا.
اهتم بخصائص العلاقات المتبادلة بين الاقتصاد والسياسة، وركز منظوره على الأزمة المالية العائدة إلى عام 2008 وأزمة اليورو، كما اهتم بدور صندوق النقد الدولي في إدارة الأزمات.
من أهم كتبه ومؤلفاته:
صندوق النقد الدولي.
المسئولية السياسية لعالم معولم: بعد إنسانية ليفيناس.
التسونامي المالي: كيف يهددنا النظام المالي العالمي.