مبدأ التوازن
مبدأ التوازن
عندما هبَّت عاصفة من الرياح العاتية فاقتلعت شجرة صلبة من جذورها وألقت بها في النهر، وحين كانت تطفو على سطح الماء، وجدت بعض نباتات القصب تنمو على ضفاف النهر، فصرخت الشجرة: لماذا؟! كيف استطاعت أشياء ضعيفة وهشة مثلك، النجاة بأمان من عاصفة اقتلعتني من جذوري؟! فأجابت نباتات القصب: كان ذلك غاية في السهولة، بدلًا من الوقوف بحماقة وصلابة في وجه الرياح، استسلمنا وانحنينا أمامها، ولهذا مرَّت علينا وتركتنا بسلام! إن مبدأ الحركة يجعلك تتفادى الدخول في منافسة مع خصوم أقوى وأكبر، لكن ينبغي أن تستجيب للمنافسة في النهاية إذا أردت تحقيق الفوز، لأن شركتك سوف تنمو وتصبح أكبر مع الوقت، وبالتالي سوف تلفت أنظار المنافسين إليك، ومن ثم فإن “التوازن” هو المهارة والمبدأ الثاني في إستراتيجية الجودو التي يجب عليك أن تتقنها عند مواجهة قوة متفوقة عليك مثلما فعلت نباتات القصب في مواجهة الرياح، فعندما تكون أضعف من خصمك، يكون التراجع هو الخيار الأفضل للحفاظ على التوازن أمام قوة ساحقة.
لكن اتخاذ وضعية مثالية ليس كافيًا من أجل تحقيق النصر، إذ ينبغي أن تعمل أيضًا على الإخلال بتوازن خصمك، لأن ذلك يمكِّنك من تحييد قوته واتخاذ زمام المبادرة ودفعه إلى السقوط، وبالتالي يجب عليك اتباع قاعدة بسيطة، لا تقاوم، ولا تقارع القوة بالقوة، لأن ذلك سوف يرهقك ويستنزف طاقتك، لكن ادفع عندما يتم سحبك، واسحب عندما يتم دفعك، وادِّخر قوتك وحافظ على توازنك، وتراجع عندما يكون الأمر ضروريًّا، واستفد من قوة خصمك لما فيه مصلحتك، استفد من المنتجات، والخدمات، والتقانة لدى منافسيك، وقلِّد ما يقومون به.
وإذا أردت إحكام قبضتك على منافسيك لتتفادى معركة في المستقبل، امنحهم حصة من الكعكة، عبر إقامة شراكات، ومشروعات مشتركة، وعقد صفقات منصفة معهم، فمثلًا: قامت شركة “برايس لاين” ببيع حصة لشركة “دلتا” للطيران من أجل منعها من تقديم خدمة منافسة، كما يمكنك تقييد خيارات منافسيك والتقليل من حوافزهم لتطوير قدراتهم الخاصة، عندما تعرض عليهم استعمال خدماتك ومنتجاتك، وكذلك قامت الشركات اليابانية في الستينيات والسبعينيات بإحكام قبضتها على منافسيها الأمريكيين الأكبر حجمًا والأكثر قوة في السوق بتقديم منتجات منخفضة التكلفة تحمل علامات خصومها التجارية.
الفكرة من كتاب إستراتيجية الجودو.. الاستفادة من نقاط قوة خصمك لمصلحتك
تؤدي الاستعارة دورًا مهمًّا في العمل، إذ تساعد على تنظيم الحقائق والبديهيات، كما تسمح لك بالتعبير عن الأفكار بطريقة حيوية، إلى جانب أنها أداة تحفيز يسهل فهمها ويصعب نسيانها، وهذا الكتاب مبني على استعارتين: الأولى متعلقة برياضة الجودو اليابانية، التي تتطلب سرعة ورشاقة، وتمكن من التفوق على المنافس في المناورة، كما تكمن قوتها الحقيقية في تحويل وزن وقوة خصمك إلى مصلحتك، ومن خلال استعارة مبادئ رياضة الجودو يمكن للشركات الصغيرة التغلُّب على منافسيها الأقوياء، إذ إنها تمكنك من إزعاج منافسيك بالاستفادة من حجمهم وقوتهم ضدهم، وبالتالي تساعدك على النجاح، والاستعارة الثانية متعلقة برياضة السومو اليابانية، التي تعتمد على الحجم والقوة من أجل الفوز على المنافسين.
مؤلف كتاب إستراتيجية الجودو.. الاستفادة من نقاط قوة خصمك لمصلحتك
ديفيد ب. يوفي : هو أستاذ إدارة الأعمال الدولية في كلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، كما يترأس قسم الإستراتيجية وبرنامج الإدارة المتقدم، كما يعد مرجعًا في شؤون الإستراتيجية التنافسية والمنافسة الدولية، وهو عضو في شركة “إنتل” وعدة شركات تقانة أخرى، من كتبه:
Strategic Management in Information Technology.
POWER AND PROTECTIONISM
ماري كواك : هي أستاذ مساعد في مجال البحث بكلية إدارة الأعمال في جامعة هارفارد، وتنشر مقالاتها في مجلة Sloan Management Review.
معلومات عن المترجم:
مروان سعد الدين: حاصل على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها من جامعة دمشق 1995، يعمل مترجمًا، وقد نقل إلى العربية كثيرًا من المؤلفات الأدبية والسياسية والاقتصادية، ومنها:
تصفية الخونة.
الانهيار.