مبادئ الديمُقراطية وغاياتها
مبادئ الديمُقراطية وغاياتها
إن الشكل السياسي للديمُقراطية الذي يتمثَّل في الانتخاب ووضع الدساتير العادلة ليس غاية في ذاته، وإنما هو وسيلة لتحقيق سعادة الأفراد والمصلحة العامة، وإلا أصبحت نماذجها السياسية كالأصنام، تُراق الدماء وتقوم الحروب الإعلامية الشرسة لفوز هذا وهزيمة الآخر! ويغفل المجتمع السياسي عن الغاية الأساسية وهي المُواطن.
تقوم فكرة الديمُقراطية على مبدأ المُساواة التي تعني ضمان إتاحة نفس العدد من الفُرص لكل الأفراد مع التسليم بتفاوتهم في الموهبة، وتقوم أيضًا على مبدأ الحرية الإنسانية؛ حرية العقل والوعي والفِكر، والحق في التعبير عن الرأي ومشاركته عن طريق الاجتماعات والصحافة، وهذه مسؤولية يحملها الفرد تجاه المجتمع، لذلك عندما تسلب الفرد هذا الحق، فأنت تعفيه من هذه المسؤولية، وتسلبه الإحساس بالصالح العام، فيُصبِح سلبيًّا.
وهذا يُعدُّ أحد عوائق السعي نحو الديمُقراطية، الخوف من المسؤولية وتحمُّل التبعات الناتجة عن قراراتك، وهذا الخوف قد يُبرِّر به المُستبد استبداده، أما عن العوائق الأخرى فيرى الفيلسوف بوبر أن الشعوب قد تألف الاستبداد إذا طال عهدها به، وتتوقَّف عن المطالبة بكسر القيود التي ما عادت تراها قيودًا، وأيضًا قد يدفعها الخوف من المجهول للإبقاء على السياسات الفاسدة.
يقول الكاتب: “إن أضيق تعريف للديمقراطية، أنها المنهج الخاص باختيار حكومة عن طريق الانتخابات السياسية”، ولكنه لا يبرز الأهمية الحقيقية للمجتمع السياسي الديمُقراطي والمتمثِّلة في نواتجها غير السياسية بالأساس، فسوف يكون مجتمعًا متميزًا في الأوضاع التي تحمي حرياته، ونوع الإجماع السائد، وطبيعة الصراعات الدائرة داخله، والطريقة التي يربِّي بها حكامه ومواطنيه.
فالحريَّات التي يضمنها المجتمع السياسي الديمُقراطي، تتمثَّل في غايات تالية لوسيلة الانتخابات، وليست هي المقصودة بذاتها، فيضمن وجود المعارضة، ويستفيد من وجهة نظرها لنقد وتفنيد وجهة النظر الغالبة، ويضمن أيضًا حرية الصحافة وعدم تكريس كل أصوات الإعلام لتعزيز مصالح السُّلطة، إضافةً إلى أنَّه يعمل على تقليل حدَّة صراعات المجتمع، ويضع حدودًا أكثر مرونة وأقلَّ مساحة للقضايا التي يجب أن تكون فوق المناقشة والرقابة الخارجية، على عكس الحكومات الشمولية التي تضعه بكل صرامة ويشمل مساحة واسعة من القضايا.
الفكرة من كتاب فقه الديمقراطية
يعرِض هذا الكتاب معنى الديمقراطية وأبجديَّتها الأولى كما وضعها معلِّمو الديمقراطية الكبار، من أمثال جون ستيوارت مل، وجون ديوي، وشارلس فرانكل، وكارل بوبر، فيقول إن الديمقراطية هي المُناخ الصحي للنبتة البشرية المُبدعة، التي تميل بطبيعتها إلى الخلق والابتكار لا التكرار أو التقليد الميِّت، وهي الخيط النفيس الذي ينسج رداء الحرية، الرداء الذي تسعى كل الشعوب السوية إلى ارتدائه، بعيدًا عن جُبَّة التبعيَّة العمياء أو اليوتوبيا اللامنطقية.
مؤلف كتاب فقه الديمقراطية
الدكتور عادل مُصطفى: كاتب وطبيب نفسي مصري، حصل على بكالوريوس الطب والجراحة في يونيو 1975، ثم التحق بعد ذلك بكلية الآداب قسم الفلسفة ليحصل على درجة الليسانس بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف، وكان الأول على دفعته طوال سنوات الدراسة، كما حصل على ماجستير الأمراض العصبية والنفسية من كلية الطب جامعة القاهرة عام 1986، وكنتيجة منطقية لهذه الدرجات العلمية المرموقة قدَّم للمكتبة العربية ثلاثين كتابًا في الفلسفة والأدب وعلم النفس والطب النفسي، بعضها نتاج أبحاثه ودراساته مثل: “العولمة من زاوية سيكولوجية”، و”المغالطات المنطقية وفهم الفهم.. مدخل إلى الهرمنيوطيقا”، وبعضها الآخر ترجمات لكتب فلسفية عالمية.
حاز جائزة أندريه لالاند في الفلسفة، وجائزة الدولة التشجيعية في الفلسفة عام 2005.