ما يُعين
لأن الهدف “الفوز برضوان الله”، فحياتنا كمسلمين فيها من الشعائر والأمور التي تعين الإنسان على ضبط نفسه، فأن يحافظ المرء على صلواته، ويستيقظ من نومه ليصلِّي الفجر، وأن يحافظ على صلاة الضحى وورد القرآن؛ كلها أمور تعينه على ضبطه لذاتِه بشكل كبير، حتى وإن أخطأ وسقط فمفهوم المجاهدة مفهوم مركزي، ومن الخطأ نتعلَّم.
وهناك بعض الأخطاء سببها هو الظروف الطارئة والكثيرون في مثل هذه الظروف يتصرَّفون بعشوائية، والسبب في ذلك أنهم يخططون بصورة كالتي كانوا يخططون بها حين استقرارهم، فمثلًا بدلًا من أن تكون القراءة نصف ساعة من الممكن جعلها ربع ساعة وهكذا، ومن الأخطاء أيضًا التخطيط لأهداف كبيرة فوق الطاقة العادية، ولكن الأمثل هو تخطيط اليوم في حدود طاقة الإنسان، فأفضل الأعمال أدومها وإن قل.
وما يُميِّز الأعمال القليلة المُستمرة أنها تُعين الإنسان على التدريب الداخلي، فيُعاد برمجته على الطريقة المقبولة التي تعينه على تحقيق ما يريد، فآلية “أداة مهمة محددة في وقت محدد في اليوم” هي من أهم الأدوات التي تعيد للإنسان برمجة ذاته بشكل إيجابي، والأهم أن تكون هذه المهمة لا تتجاوز خمس عشرة دقيقة، ويكون لها وقت محدد.
وما يعين على ذلك بعض الأمور التي من الجدير أن يلتزم الإنسان بها، وهي التعبُّد لله (عز وجل)، والتعليم المُستمر من خلال المداومة على المطالعة والقراءة، واكتساب الخبرات الجديدة، كذلك بر الوالدين، فبر الوالدين، كما يذكر الكاتب، أساس النجاح، كذلك لا بد أن يحرص الإنسان على توفير جزء من دخله ليحفظ كرامته واستقلاله، وأخيرًا عليه وضع الأهداف اليومية، وذلك بأن يتخيَّل الإنسان ما سيفعله منذ استيقاظه إلى وقت نومه.
الفكرة من كتاب الانضباط الذاتي
طالما تحدَّثت كُتب التنمية الذاتية عن أهمية ضبط الذات، وأن يكون الإنسان قادرًا على التحكُّم بأفعاله، وفي الغالب يكون غرض هذا النجاح نجاحًا دنيويًّا، وبلا شك هو أمر ضروري، ولكن ما ميزان “الانضباط الذاتي” في غاية وجود الإنسان في هذه الحياة؟
إن قيمة “الانضباط الذاتي” تتضح أهميتها ودورها الكبير إذا ما ارتقى الإنسان بغايته من الحياة، والإسلام جعل غاية الإنسان تحقيق العبودية لله (عز وجل)، لذا فإننا باعتبارنا مسلمين سندرك أهمية قيمة الانضباط الذاتي بشكل أوسع وأهم من أي شخص آخر، فالحياة تشبه المعركة التي لا بد أن نخوضها، والانتصار الأوَّل والأكبر في هذه الحياة هو الانتصار على النفس، وحينما ينتصر الإنسان على نفسه فإنه يتحرَّر من استبعاد العادة والهوى، ويبقى حُرًّا طالما بقي حيًّا.
مؤلف كتاب الانضباط الذاتي
الدكتور عبد الكريم بن محمد الحسن بكَّار: كاتب سوري وأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود، يعدُّ أحد المؤلفين البارزين في مجالات التربية والفكر الإسلامي، حصل على درجة الدكتوراه من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر الشريف بالقاهرة.
ألَّف العديد من الكتب، منها: “تكوين المفكر”، و”طفل يقرأ”، و”القراءة المثمرة”.