ما يعوق التواصل بين الناس
ما يعوق التواصل بين الناس
إن من طبيعة البشر الاستمتاع بالأخذ والعطاء بطريقة متعاطفة، لكن قد يحدث بيننا التواصل المعرقل للحياة، والذي يقودنا إلى التحدُّث والتصرُّف بطرق تجرحنا وتجرح الآخرين، ومن تلك الصور إطلاق الأحكام التي توحي بخطأ أو سوء على كل من لا تنسجم تصرفاته مع قيمنا ومبادئنا، كقول “إنها كسولة”، أو “إنك أناني”، وعندما نتحدَّث بتلك اللغة فإننا نتصرَّف مع الآخرين على أساس أن لديهم مشكلة، فينصب انتباهنا على تصنيف وتحليل وتجديد مستويات الخطأ، بدلًا من أن نركِّز على ما نحتاج إليه حقًّا ولا نحصل عليه من الطرف المُقابل، أو ما يحتاج إليه الآخرون منا ولا يحصلون عليه.
ومن الصور الأخرى استخدام المقارنات التي قد تمنعنا التعاطف مع أنفسنا ومع الآخرين، فمقارنة النفس بالآخرين تجعل الفرد تعيسًا، بل ربما تعوق تعاطفه سواء مع الذات أو مع الآخرين، ومن تلك الصور أيضًا إنكار مسؤوليتنا تجاه أفكارنا ومشاعرنا وتصرفاتنا، فنستخدم التعبيرات التي توحي بضرورة ووجوب عمل شيء ما، كقولنا: “أنا مُضطر إلى فعل كذا”، وهذه الصورة تجعلنا نتقبَّل الذل الوضيع لكل قرار أو رأي مبتذل، مما يخلق حالة من الهزيمة تولِّد بدورها ضغطًا نفسيًّا، فلا يستطيع الإنسان التحمُّل، وقد اعتدنا أن الآلية في التحفيز هي الإشعار بالذنب من خلال إلقاء مسؤولية مشاعرنا الذاتية على الآخرين، كإحساس الطفل بالمسؤولية عن مشاعر والديه، الذي يؤدي إلى أن يغيِّر الطفل سلوكه لينسجم مع رغبات والديه، فلا يقوم بعمل الشيء برغبة حقيقية، ولكن بهدف تجنب الشعور بالذنب أو خوفًا من العقاب، كما أن تعبيرنا عن رغباتنا في شكل أوامر صورة من الصور التي تعوق التعاطف، فالأمر يمثل تهديدًا صريحًا أو ضمنيًّا بأن المأمور سيتعرّض للوم والعقاب إذا أخفق في الإذعان والطاعة.
فاللغة التي تعلَّمنا أن نتحدَّث بها في سنوات نضجنا تشجِّعنا على التصنيف والمقارنة وإعطاء الأوامر وإطلاق الأحكام بدلًا من محاولة إدراك مشاعرنا والتعرف على احتياجاتنا واحتياجات الآخرين.
الفكرة من كتاب التواصل غير العنيف
في أغلب الأوقات لا نعترف بالعنف الذي بداخلنا لأننا نجهل صورته الحقيقية، فالعنف بالنسبة إلينا يقتصر على الشجار والقتل والضرب، وهذه أشياء لا يفعلها الأشخاص العاديون، لكن بالنظر الدقيق نلاحظ أن العنف لا يقتصر على الأجساد والماديات فحسب، بل إنه أوسع من ذلك.
ونحن نسأل أنفسنا: كيف يُمكننا تربية نفوسنا على الحب والتفاهم والتقدير دون تكلُّف أو ضغط؟ وهل حقًّا حتى نستطيع النجاة في هذا العالم القاسي لا بدَّ أن نصبح قُساة أيضًا؟ ولكن هذا العالم هو الذي صنعناه، فلو أننا غيَّرنا أنفسنا، وغيَّرنا أساليبنا ولغتنا، سنخلق عالمًا تسوده الرحمة والتعاطف، وهذا ما يُقدِّمه لنا هذا الكتاب، فمن خلاله يُبيّن لنا الكاتب كيف يمكن تجاوز كل الأمور التي قد تتسبَّب في خلق حالة العنف التي نخسر أمامها الكثير.
مؤلف كتاب التواصل غير العنيف
مارشال بي. روزنبرج Marshall B. Rosenberg: كاتب وعالم نفس أمريكي، حصل على الدكتوراه في علم النفس الإكلينيكي من جامعة ويسكنسون، وهو مؤسس ومُدير الخدمات التعليمية بمركز التواصل غير العنيف، وهي مؤسسة دولية لصنع السلام، حاز جائزة جسر السلام، وجائزة Light of God expressing award الدولية، كما أنه درَّس التواصل غير العنيف في مئات المجتمعات والمؤتمرات، وفي أكثر الدول فقرًا وتمزقًّا بسبب الحروب.
من أهم كتبه وأعماله:
Being Me, Loving You
Speak Peace in a World of Conflict
Raising Children Compassionately
The Surprising Purpose of Anger