ما يرسله الوجه
ما يرسله الوجه
يقوم علم التواصل غير اللفظي أساسًا على الملاحظة والاستنتاج، فمراقبة سلوك البشر على اختلاف ألوانهم وبيئاتهم تكشف عن ارتباط واسع ومشترك في الدلالات التي تظهرها أجسامهم عند التعبير عن مشاعر عامة كالاندهاش والخوف وكالملامح الظاهرة على الوجه عند التفكير أو الشعور بالخجل، فالابتسامة على سبيل المثال يترتَّب على مفهومها الكثير والكثير من التحليل، لذا يقسمها العلماء إلى خمسة أنواع يرتبط كل نوع فيها بموقف أو حالة، فمثلًا نرى الابتسامة البسيطة التي لا تظهر فيها الأسنان عندما يكون الفرد متحفظًا ويتعامل برسمية، ونرى الابتسامة العليا التي يميِّزها ظهور القواطع عند مقابلة الأشخاص المعتادين كالوالدين والأصدقاء، وعليه فإن الابتسامة الواسعة ترتبط بالضحك والفرح في التجمُّعات غالبًا، أما الابتسامة المستطيلة وهي أقرب ما تكون إلى العبوس، فنلاحظها عندما يفرض الموقف نفسه ويجب الالتزام بالآداب العامة والتبسُّم رغم عدم تقبُّلنا للأمر.
بالنظر إلى الأشخاص في حال النزاعات والمشاجرات نلاحظ بعض التعابير كاتجاه الحاجبين نحو الأسفل وانشداد الشفتين إلى الأمام بما لا يظهر الأسنان تمامًا مع ميل الرأس والذقن إلى الأمام واتصال أعين الفردين بشكل مباشر لأن فقدان الاتصال البصري وتجنُّب النظر في عين الخصم دليل واضح على الضعف والانهزام، كما قد يمتدُّ تفسيره في المواقف الأخرى إلى أن الشخص الهارب بعينيه يحاول إخفاء شيء ما، أما النظرة الجانبية فهي نظرة يتسم بها الأشخاص الكتومون الذين يريدون النظر دون أن يلحظهم الآخرون، والنظر إلى الأسفل هو إشارة الندم وإلى أعلى هو دلالة الطموح أو التخيُّل، وعلى ذلك فإن مقدار الاتصال من خلال العينين مرهون باختلاف الثقافات وطبيعة الأفراد كالمتصفين بالخجل.
ومن الشائع عند الحديث عن الصدمة تخيُّل العينين مفتوحتين والفم كذلك بشكل واسع، ويكمن تفسير ذلك في استرخاء عضلات الفك، ونلاحظه أيضًا عند محاولة الشخص التركيز على شيء واحد صغير كتركيب آلة ما، فنرى جميع عضلات الوجه الدافعة للعين مسترخية مع انخفاض في الذقن نحو الأسفل.
الفكرة من كتاب كيف تقرأ شخصًا مثل الكتاب
شاع مفهوم لغة الجسد مؤخرًا بين الأوساط العامة، فحين الحديث عنه يتبادر إلى الذهن عدد من التساؤلات، مثل: هل يمكننا قراءة ما يكون عليه الناس والكشف عن حقيقتهم؟ أنستطيع إيصال صورة أفضل عن أنفسنا دون إكثار في الكلام؟
الإجابة تكمن في مادة كاملة يندرج جزء منها تحت الفراسة، وجزء آخر تحت علم يختص بقراءة وتحليل وتفسير بعض الإشارات الثابتة التي تصدر من جسم الإنسان بنمط متكرر لا يختلف كثيرًا باختلاف الأشخاص، تلك الإشارات لا تقال بالكلام ولا بالتعبير الصريح، إنما تصدر كانعكاس مباشر للأفكار والمشاعر والمعتقدات سواء كان ذلك بشكل إرادي يقصد الشخص إيصاله إلى الجمهور الذي يقابله أو كان بصورة لا إرادية من العقل اللاواعي، لذا تسمَّى هذه الإيحاءات بالاتصال غير اللفظي، ويعدُّ فهمها عملية معقدة تحتاج من الصبر والمراقبة والدراسة المستمرة ما تحتاجه اللغات كي يتم تعلمها وإتقانها.
يعتمد تحليل الإشارات غير اللفظية على دراسة المظاهر الصادرة عن الشخص أثناء الحديث، ووفقًا للكتاب فقد صُنِّفَت طرق تعبير الجسد إلى خمسة مكونات عامة هي: الاتصال البصري، وتعابير الوجه، ونمط الحركة، وهيئة الوقوف، والملامسة الناتجة عن مصافحة الأيدي، ويؤخذ في الاعتبار أنه لا يمكن الوصول إلى استنتاجات مباشرة وسريعة للآخرين من خلال الاقتصار على رؤية تعابير وجوههم أو طريقة المصافحة أو كيفية السير، دون التعرُّض العميق للإشارات اللفظية ومراقبة الصورة ككل.
مؤلف كتاب كيف تقرأ شخصًا مثل الكتاب
جيرارد نيرنبرج: محامٍ أمريكي وخبير استراتيجيات التفاوض والاتصال، ولد عام 1923، وعمل في تأليف الكتب المتخصصة بفنون التفاوض والتواصل وتقنيات البيع الفعالة، حيث بلغ عددها اثنين وعشرين كتابًا ترجم أكثرها إلى اثنتين وثلاثين لغة حول العالم، كما أسس معهدًا غير ربحي يهدف إلى ترسيخ أفكاره عن التفاوض وتأثيره في حياة المجتمع، لذا أطلقت عليه مجلة فوربس لقب: “رائد تدريب التفاوض”.
هنري إتش. كاليرو، مؤلف مشارك، له العديد من المؤلفات ذات التقييمات المرتفعة، نذكر منها: قوة التواصل غير اللفظي، والفوز بالمفاوضات، وتفاوض على الصفقة التي تريدها.
جابرييل جرايسون، مؤلف مشارك في كتابة عدد من الكتب مرتفعة المبيعات، من إنجازاته كتاب: “تحدث بيديك واستمع بعينيك”.
وقد شارك الكُتَّاب الثلاثة خبراتهم وخلاصة علمهم في تأليف هذا العمل الحائز على لقب “الكتاب الأكثر مبيعًا” في مجال تحليل لغة الجسد.