ما وراء الغضب
ما وراء الغضب
كثير من الآباء والأمهات يشتكون من غضبهم ومن ردود أفعالهم أمام أبنائهم، وهم بذلك ينظرون فقط إلى الأفعال الصادرة، أو النتيجة النهائية، لكن قلَّما ينظر أحدهم إلى المشاعر الداخلية أو الأفكار التي تسببت في هذا الفعل، ومن تلك النقطة سنُميِّز بين مصطلحين خلال رحلتنا مع الغضب: الأوَّل “إعداد سلوكيات الغضب” وهي الأمور التي لا يراها الآخرون، مثل الأحاديث الباطنية، أو الأفكار والمشاعر، كون المرء مثلًا مغتاظًا أو يشعر أنه ضحية، والمصطلح الثاني “سلوكيات الغضب” الذي يدل على الأفعال والمظاهر التي يراها الآخرون.
ولا بدَّ أن نعلم أن الغضب له مراحل، فليس الغضب الأول كالثاني، وهكذا على مدى حياة الأطفال، فالغضب سلسلة تبدأ بتعبيرات الوجه الغاضبة ثم التعليقات الناقدة، ثم الصوت العالي أو الصراخ، ثم الشتائم، ثم التهديد ثم الضرب أو الدفع، وقد تنتهي بالضرب المُبرح أو حتى القتل!
وكل صور الغضب تُشعر الطفل بتهديد لأهمية ذاته، لأن أول المشاعر المُسببة للغضب عند الآباء والأمهات هو الرغبة في السيطرة، فالكثير منهم يحاولون السيطرة على أولادهم، وهذا بذاته يتسبب في قلق البيت وهروب الأولاد منه، بجانب ذلك أن محاولة السيطرة عليهم يُفقدهم سيطرتهم على أنفسهم، وقد يكون هذا بشكل لا إرادي، فيصبحون أشخاصًا لا خيار لهم في حياتهم، بل وقد يعانون خلال مرحلة رُشدهم سعيَهم الدائم لإرضاء الآخرين، فالكثير من الأولاد يجادلون أهاليهم ليس للحاجة التي يريدونها تحديدًا، بل من أجل شعورهم الذاتي ورغبتهم بالاستقلال.
وأوَّل تمرين لإدارة الغضب مع أبنائك هو أن تتذكَّر حدثًا ما تسبب في غضب شديد، ثم تسأل نفسك: أين أضع ردَّ فعلي في سلسلة الغضب؟ وهل كان سلوكي ناتجًا عن كوني أريد السيطرة على سلوكه أم لا؟
الفكرة من كتاب عادة الغضب في تربية الأولاد
إن طاقة الغضب ليست طاقة أولية، بل هي تابعة، لها أسبابها ودوافعها الخاصَّة والمشاعر التي شعر بها الفرد فأدت إلى غضبه، وقد تكون تلك المشاعر أو الدوافع غير معلومة أو غير مُدركة، فيبدأ الإنسان في لوم نفسه وهو لا يدري سبب غضبه تحديدًا، وتظهر جدًّا “صورة الغضب” بين أولياء الأمور والأبناء، لكن سرعان ما يندم الآباء على ردِّ الفعل الذي صدر منهم.
يعدُّ كتاب “عادة الغضب في تربية الأولاد” ضمن سلسلة من الكتب التي كتبها المؤلف عن الغضب، سواء في العلاقات أو بين الأسرة، فيقدِّم لنا الطريقة التي يجب أن ننظر إليها في غضبنا على الأولاد، وذلك عن طريق تمارين تساعدنا على فهم وتغيير سلوكياتنا، لذا يُفضل أن نبدأ رحلتنا مع هذا الملخص بقلمٍ ومُفكِّرة صغيرة.
مؤلف كتاب عادة الغضب في تربية الأولاد
كارل سيميلروث Carl Semmelroth: عالم نفسي أمريكي الجنسية، حصل على الدكتوراه في علم النفس من جامعة ميشيغان في عام 1969م، فدرَّس نظريات في العلاج النفسي وعلم نفس النمو لفصول الدراسات العليا في جامعات مختلفة، كما عمل في المستشفيات والمصحَّات النفسية، وحصل على جائزة “Civie” عام 2004 لجهوده في نشر الوعي للتعامل مع الغضب، أيضًا عمل خبيرًا في تربية الأطفال على موقع Child.com للإجابة عن الأسئلة والاستفسارات.
من أهم مؤلفاته:
The Anger Habit
Angels in Ann Arbor
The Compassion Switch
معلومات عن المُترجمة
فاطمة عصام صبري: ترجمت عددًا من الكُتب في المجالات المختلفة، ولها عدد من المقالات، ومن الكتب التي ترجمتها: “كيف تتحدث فيصغي الصغار إليك وتصغي إليهم عندما يتحدثون”، و”قدرة التفكير السلبي” و”بناء الثقة في مجال الأعمال والسياسة والعلاقات والحياة”.