ما وراء العدوانية
ما وراء العدوانية
الطب النفسي لا يُقيِّم الناس بأفعالهم السيئة والجيدة فقط، بل بما وراءها، هو فقط ينادي بأن لكل فعل أو سلوك دوافع قد تكون ظاهرة وقد تكون عميقة لا يراها الناس، حتى السلوك العدواني الذي تشاهده من بعض الناس دون سبب، كأن ترى شخصًا متحفِّزًا وكأنه يتوقَّع منك الهجوم أو الإساءة، وتراه ينفعل على أتفه الأسباب، يهينك أو يأخذ منك موقفًا سلبيًّا، كأن يسخر منك أو يقلِّل من شأنك دون أي مبادرة منك، لكنه في عقله الباطن يتخيَّل معركة وهمية تهاجمه فيها أو تقلِّل منه، وبمجرد أن تلقي أي كلمة أو فعل، يبدأ هو في رد فعله العنيف الذي يكون لك بمثابة فعل غير مبرر.
والسبب هو أن هذا الشخص لا يشعر بالرضا عن حاله، ويعتقد أنه الجدير بأي خير يواجه الآخرين وأنه مُضطهد، أو أنك تمثِّل تهديدًا له بمجرد وجودك معه، وعلاج هذا الشخص هو فقط أن يواجه نفسه ويسأل عن سبب حالته في كل وقت، وإن كان هناك سبب مخفي فليعلن عنه لعله يجد له حلًّا بدلًا من النزاع، وقد تتعدَّد طرقك في المواجهة من حيث الصمت، أو العدوان المتبادل، أو الانتصار عليه بأي شكل، ولكن الحل الأمثل أن تتجنَّب الدخول في هذه المعركة التي يدفعك إليها لأنك بهذا ستكون مثله تمامًا، وستشعران بالجرح، ولكن الصواب أن تنسحب وتتركه يحترق بمفرده مهما دفعك إلى إيذائه، وهذا سيزيد من احترامك لنفسك ويحفظ لك سلامك الداخلي ويجعلك ترقى إلى مكانة كاظمي الغيظ، وإذا كان هذا السلوك العدواني موجودًا في الزواج فاحرص على أن تكون الشخص الأكثر لينًا، وأن تعفو عن المخطئ إن تراجع عن كلامه، وحاول ألا يحضر الموقف طرف ثالث فهذا سيزيد الأمر تعقيدًا.
الفكرة من كتاب كيف تصبح عظيمًا؟
قبل سؤال كيف تصبح عظيمًا؟ الأهم هو ما معنى العظمة؟ هل تقتصر على أن تُحدِث تغييرًا كبيرًا في الحياة؟ هل الشعارات التي تناديك أن تترك أثرًا في الحياة قبل أن تتركها، شعارات تنفعك أم تضرك؟ وما ذنب من خلقهم الله بقدرات متواضعة؟ هل سيفقدون جانب التميز؟ فالرسول (صلى الله عليه وسلم) يقول: “ألا أخبركم بأهل الجنة؟ قالوا بلى، قال: كل ضعيف متضعِّف، لو أقسم على الله لأبرَّه”،
وهذا ليس تقليلًا من شأن المتميزين، ولكنه تعظيم من شأن الضعيف، والحقيقة أن أكثرنا من الضعفاء لله، وقليل منا أعطاهم الله مميزات لينفعوا بها البشر.
وهذا الكتاب يعطينا أضواءً بسيطة للطريقة التي نكسب بها الحياة، ويكون كلٌّ منا عظيمًا بما أعطاه الله من مميزات، فيتحدث عن طريقة مواجهة الحياة، وكيفية فهم الناس، وكيف نحصل على مفاتيح النجاح.
مؤلف كتاب كيف تصبح عظيمًا؟
عادل صادق عبدالله عامر، هو طبيب نفسي مصري ولد في التاسع من أكتوبر 1943، حصل على دكتوراه في الأمراض العصبية والنفسية، وحصل على زمالة الكلية الملكية بلندن، وزمالة الجمعية الأمريكية للطب النفسي، شغل منصب الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين العرب، رأس تحرير مجلة الجديد في الطب النفسي، وكتب العديد من المقالات لصحيفة الأهرام.
وتوفي في 14 سبتمبر 2004، عن عمر يناهز الستين، بعد أن ترك لنا إرثًا من روائع كتاباته، فله أربعة كتب باللغة الإنجليزية، وثلاثين كتابًا باللغة العربية، منها: “العشق”، و”كيف تصبح عظيما؟”، و”الغيرة والخيانة”، و”متاعب الزواج”، و”كيف تنجح في الحياة؟”، و”الألم النفسي والألم العضوي”، و”الطلاق ليس حلًّا”، و”مباريات سيكولوجية”، و”أزواج وزوجات أمام الطبيب النفسي”.