ما قبل عصر محمد علي
ما قبل عصر محمد علي
مرت على مصر بعد انتهاء عصرها الفرعوني عدة دول تبادلت حكمها، كانت أولاها دولة الرومان التي اعتبرتها بنك غذاء لروما، ولم تهتم بالكتابة الهيروغليفية حتى اندثرت، وعاشت مصر في كنفها سنين ذاقت فيها ألوانًا لا تعد من الاستبداد والتعذيب والنهب وإثقال كواهل الأهالي بالضرائب.
وبمجيء العرب حاملين دين الإسلام فاتحًا لهم حياة جديدة أساسها التوحيد والعدل، ولغة عربية سرعان ما تشربتها الألسنة، وتتابعت عليها الأسر الحاكمة من بني أمية إلى بني عباس ثم عصر الدول بداية من الطولونيين ثم الفاطميين حتى استقر الأمر إلى الأيوبيين.
وكان الحكام الأيوبيون بوابة ظهور المماليك، وهم شبان من الشركس وغيرهم من أسرى التتار، ينقسمون إلى نوعين بحرية وبرجية، قويت شوكتهم مع مرور السنين وزاد تأثيرهم في البلاد، انتشر على إثر ذلك الصراع على النفوذ والضرائب بين الفرق العسكرية التي أصبحت الحاكم الفعلي للبلاد تحت اسم الخلافة العباسية ظاهريًّا.
بعد سقوط الخلافة العباسية وتسلم العثمانيين الراية، بدأت في عهدهم بعض الإصلاحات وأحرزوا عددًا من الانتصارات العسكرية المبهرة، ثم بدأ الانحدار وانتشر الضعف والفوضى وتدهورت الزراعة والتجارة والصناعة، فعاد المماليك إلى الصورة من جديد واتضح خطرهم في توسعات علي بك الكبير، حتى تآمرت عليه بريطانيا وفرنسا مع الباب العالي وقضوا عليه.
اشتد الصراع بين قطبي العالم الحديث بريطانيا وفرنسا التي شنت حملتها على مصر لتهديد مستعمرات بريطانيا في أمريكا والهند وبسط نفوذها على البحر المتوسط، لكن لأسباب عدة أهمها قوة أسطول بريطانيا البحري والمقاومة الشعبية للأهالي وتخبط حكامها فشلت الحملة في أهدافها ورحلت ولكن بعد كسر شوكة المماليك ولفت الأنظار إلى أهمية مكانة مصر.
الفكرة من كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
التاريخ ليس مجرد نقل للأحداث، بل هو فن الوصول إلى الحقيقة، عن طريق وسائل يتبعها مؤرخ ذو عبقرية فذة وبصيرة ثاقبة، يتتبع الخطوط حتى يصل إلى رسم المشهد الكامل، مبرزًا الأحداث المؤثرة ومحللًا لأسبابها ومعددًا لنتائجها دون الغرق في تفاصيل كثيرة هامشية لا صلة لها بالحدث، ولأن مصر من الدول القليلة التي تتابعت عليها الأحداث الجلل بصورة مكثفة في فترات زمنية قصيرة، احتل تاريخها القديم والحديث أولوية اهتمام المؤرخين.
مؤلف كتاب تاريخ مصر الحديث: من محمد علي إلى اليوم
محمد صبري: ولد الدكتور بالقليوبية في عام 1894م، وتنقل بسبب عمل والده مفتشًا بين القرى الزراعية، ونشأ محبًّا للأدب والشعر، لدرجة تأخر حصوله على شهادة الثانوية بسبب اهتمامه بالقراءة وكتابة الشعر، احتك فيها بأدباء وشعراء عصره كالمنفلوطي وحافظ إبراهيم، سافر لدراسة التاريخ الحديث في جامعة السوربون، وحصل فيها على الدكتوراه عام 1924م.
عينه سعد زغلول سكرتيرًا ومترجمًا للوفد المصري بمؤتمر السلام لبراعته باللغات الأجنبية، كان همه الأول الكتابة عن تاريخ مصر الحديث لإبراز هويتها القومية، فهدف لكتابة أربعة مجلدات عن التاريخ الحديث لمصر، نجح في إخراج جزأين فقط، ثم انشغل بعدة أدوار معرفية وأدبية أخرى، ولكن لم يوقفه ذلك عن اهتمامه بالأدب، فأصدر سلسلة أدبية “الشوامخ ” عن شعراء ما قبل الإسلام.
توفي في عام 1978م بعدما عانى من عدة مشكلات أسرية ومالية، وسط تجاهل كبير لما قدمه في خدمة بلاده.