ما قبل الشعور الجماعي
ما قبل الشعور الجماعي
أشرنا إلى أن المساهمة من أجل الغير تجعلنا نشعر بقيمتنا الذاتية، ولِنُسهم من أجل الغير علينا أن ننظر إلى من حولنا كرفاق وليس كأعداء، ولننظر إليهم كرفاق علينا أن نثق بهم، وأن تكون ثقتنا بهم غير مشروطة، لأن الشعور بالشك تجاه الآخرين ينتقل إليهم ويُفسد العلاقة، كما أن الشك يجعلنا ننظر إلى كل تصرف صادر من الطرف الآخر في العلاقة كدليل على استغلاله لنا وخداعه، ولنثق بالآخرين نحتاج إلى الشجاعة لتجاوز الخوف من الاستغلال، وهذه الشجاعة نابعة من تقبُّل الذات، فالشخص المُتقبِّل لذاته يعلم ما يُمكنه فعله وما لا يُمكنه فعله، وبالتالي يُدرك أن الاستغلال هو فعل يصْدُر من الآخرين ولا نملك أي سيطرة لكبحه.
وهنا ذكرنا تقبُّل الذات وليس إثباتها، لأن إثبات الذات يعني النظر إلى النفس بإيجابية على نحو مُبالغ فيه، وبالتالي عندما نعجز عن فعل ما كنا نظن أننا نستطيع فعله، تظهر عقدة التفوق، لكن تقبُّل الذات يعني قبول نقاط الضعف، وبناءً على ذلك نعي ونُركِّز على حدود ما يُمكننا فعله.
والآن لنرَ لماذا نجد صعوبة في تقبُّل ذاتنا والثقة في الآخرين، المشكلة هنا تكمن في التركيز على الجانب السيئ من الحياة، والحكم عليها بناءً على هذا الجانب، فمثلًا وجود شخص يكرهنا وسط عشرات الأشخاص الذين يحيطون بنا، يجعلنا نشعر أن الجميع يكرهوننا، وبالتالي لا ننظر إلى من حولنا كرفقاء وتفقد حياتنا تناغمها.
فقدان التناغم لا ينتج عن هيمنة الجانب السيئ من الحياة فقط، بل عن هيمنة أي جانب من جوانب الحياة، كالعمل مثلًا، على حساب جوانب أخرى كالأسرة والأصدقاء والترفيه، بغرض التهرُّب من بعض المسؤوليات، فالمشكلة هنا ليست عدم تقبُّل الفرد لذاته، فهو يشعر بقبول الذات ولكن بسبب ما يفعله، ومع الأسف بفقدان هذا الجانب يشعر الفرد أنه فقد قيمته، لذا يجب أن نهتم بكل جوانب حياتنا، وأن نتقبَّل ذاتنا لما هي عليه ليس لما تفعله.
الفكرة من كتاب شجاعة أن تكون غير محبوب: كيف تحرِّر نفسك وتغيِّر حياتك وتحقِّق السعادة الحقيقية
في سن الطفولة، يحلم المرء بلا قيود، ويسعى والداه لإسعاده وتذليل الصعوبات أمامه، لكن بمجرد الوصول إلى سن الرشد، يبدأ الوالدان بالانسحاب، وتظهر المهام والمسؤوليات، وتصبح العلاقات معقدة وتزداد تعقيًدا بمرور الوقت، إضافةً إلى إدراكه لحقائق أليمة كالتمييز والحروب، والتى قد يواجه بعضها لتؤثِّر في سلوكه، أو قد يشعر أنه سجين تطلُّعات الآخرين، ما يجعله قلِقًا طوال الوقت.
كيف يُمكن وسط هذا التعقيد أن يصبح الإنسان سعيدًا، وهل العالم مُعقَّد فعلًا، أم أن هذا التعقيد نابع من ذاتنا، وهل يمكن أن تتغيَّر نظرتنا إلى الحياة بشكل عام، وكيف يُمكن أن نتحرَّر من ذكرياتنا الأليمة وتطلُّعات الآخرين لنصبح سعداء، كل هذا يجيب عنه هذا الكتاب على هيئة حوار فلسفي جدلي على غرار مناظرات سقراط، وبناءً على نظريات الطبيب النفسي النمساوي ألفْرِد أدلر عن الشجاعة.
مؤلف كتاب شجاعة أن تكون غير محبوب: كيف تحرِّر نفسك وتغيِّر حياتك وتحقِّق السعادة الحقيقية
إيشيرو كيشيمي: فيلسوف وعالم نفس ومُترجم للغات الإنجليزية والألمانية، وُلِد بمدينة كيوتو، باليابان عام 1956، وحصل على درجة الماجستير في الفلسفة من جامعة كيوتو، وقد عمل مستشارًا في Maeda Clinic، وقام بتدريس الفلسفة في مؤسسات مختلفة مثل جامعة كيوتو وجامعة نارا النسائية، ويقوم حاليًّا بتدريس علم النفس التربوي وعلم النفس الإكلينيكي في كلية ميجي للطب الشرقي في سويتا، بأوساكا.
فوميتاكي كوغا: كاتب ياباني محترف حائز على العديد من الجوائز القيِّمة، وُلِد بمدينة فوكوكا عام 1973، وأصدر العديد من الكتب الأكثر مبيعًا في مجال الأعمال، وقد تأثَّر في نهاية العشرينيات من عمره بعلم النفس الفردي القائم على نظريات ألفريد أدلر، وتلقَّى خلاصة علم النفس الفردي من إيشيرو كيشيمي.
نُشِر هذا الكتاب عام 2013، وأصبح من ضمن الكتب الأكثر مبيعًا، لذلك قرَّر المؤلفان تكرار التجربة، وتأليف كتاب آخر معًا تم نشره عام 2016 تحت عنوان:
The Courage to be Happy : True Contentment Is In Your Power.
معلومات عن المترجم:
مصطفى الورياغلي: روائي وناقد ومُترجم مغربي، حاصل على الدكتوراه في اللغة العربية تخصص الأدب العربي الحديث عام 2005، وقد ألف عددًا من الروايات، منها:
أبواب الفجر.
جنة الأرض.
وقد قام بترجمة عدَّة أعمال، منها:
حان الوقت لإضاءة النجوم من جديد.
فتاة الأمس.