ما علم الأخلاق؟
ما علم الأخلاق؟
علم الأخلاق هو علم يبحث عن المعاني الصحيحة للخير والشر، ويبيِّن الطرق السليمة المستقيمة لمعاملة الناس بعضهم لبعض، ويوضح الغاية التي يجب أن يقصدها الناس في أعمالهم، ويُنير السبيل لما ينبغي عمله، ولكن موضوع علم الأخلاق وطبيعة الأعمال التي يمكن لهذا العلم الحكم عليها بالخير والشر مرتبط بأصل العمل، إذا كان إراديًّا أو غير إرادي، فمثلًا لا يمكننا الحُكم بالشر على من أشعل النار في غرفته وهو نائم، أو من تخلَّف عن موعدٍ ما لأنَّه مُشخَّص بداء النسيان لأنها أعمال لا إرادية، بينما توجد المسؤولية الأخلاقية إذا وُجدت الإرادة، وهنا يُناقش الكاتب تساؤُلًا شهيرًا: هل الإنسان حُر الإرادة؟ نعم الإنسان حُر الإرادة، على الرغم من تأثُّر أفعاله بعوامل كثيرة كالبيئة والوراثة، فإنه في النهاية صاحب القرار، فحرية النفس هي التي تُكسب الإنسان شعور الرضا أو الندم عن أفعاله، وتُعطي معنًى للمدح والذم وتتطلَّب الثواب والعقاب.
والحقيقة أنَّ هناك نوعين رئيسين للمسؤولية: المسؤولية الأخلاقية والمسؤولية القانونية، والأولى أوسع؛ لأنها تشمل النوايا والأعمال الظاهرة والباطنة، ويحكمها الله والضمير، وهنا نصل إلى الرادِع الأول للنفس البشرية وهو الضمير، الذي يتمثَّل في الصوت الداخلي الذي يدفعك إلى فعل الخير ويُثنيك عن فعل الشر، ويُكافئك بالرضا إذا أطعته ويجلدك بالندم إذا خالفته، وهو فطري المنبع، لكنَّه يتبع حالة صاحبه، فيُصبح أبكم عند المُجرم الضال، ويقظًا عند الصالح المُنضبط.
ويختلف صوتُ الضمير باختلاف الأمم، وباختلاف الزمن على الأمة الواحدة، ومثالُ ذلك: الوحدة الوطنية والدينية في مصر بين المسلمين والأقباط، فمنذ سنين قلائل كان مجال الخلاف واسِعًا، أما الآن فلا تُطاوعنا ضمائرنا إذا أردنا أن نمسَّ هذه الوحدة بسوء، ويختلف الضمير أيضًا عند الفرد الواحد باختلاف عاملين: الحالة الاجتماعية للأمة والعائلة، وعُرفها ودرجة رقيِّها، ودرجة علمه وعقله، والضمير يحتاج إلى إرادة وتربية، فالإرادة هي وقود العمل بأوامر الضمير، والتربية المستمرة هي ضمان قوامه وصلاحه، وتتحقَّق التربية عن طريق الكتب والدروس الأخلاقية والصحبة الصالحة وقوانين البلاد، وقوة الإرادة في إطاعة الضمير بدلًا من إخماد صوته.
الفكرة من كتاب كتاب الأخلاق
هذا الكتاب هو مشروع تربوي مُتكامل يُوجِّه كل المُواطنين، الأب والابن؛ المعلم والمتعلم، إلى المنهج السليم للأخلاق الحسنة، ويقدِّم شرحًا مُبسَّطًا لماهية علم الأخلاق وأسسه ومبادئه، ومقاييسه التي يُقاس بها، ويُشعل الهمم للعمل واكتساب الفضيلة بصورة عملية يمكن الاستفادة منها بعيدًا عن الجهة النظرية التي تخصُّ الفلاسفة.
مؤلف كتاب كتاب الأخلاق
أحمد أمين: كاتب وأديب ومفكر مصري وُلد في القاهرة وتدرَّج في تعليمه من الكُتَّاب إلى الأزهر حتى وصل مدرسة القضاء الشرعي ليعمل بعدها قاضيًا، ثم عمل مُدرسًا في كلية الآداب جامعة القاهرة بمشورة طه حسين حتى عُيِّن عميدًا لها، وأنشأ مع زملائه “لجنة التأليف والترجمة والنشر”، ومجلتي “الرسالة” و”الثقافة”، واشتهر بمؤلفاته في أبواب التربية والفكر والإصلاح مثل: كتاب “علمتني الحياة”، و”إلى ولدي”، وله سلسلة كتب تأريخية مشهورة عن الإسلام هي: “فجر الإسلام”، و”ضحى الإسلام”، و”ظهر الإسلام”.