ما سر التنويم المغناطيسي؟

ما سر التنويم المغناطيسي؟
يُعد التنويم المغناطيسي لونًا من ألوان النوم، ويرجع تاريخه إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين قام الطبيب “مِسْمَر | Mesmer” بتنويم المرضى العصبيين لشفائهم، وكانت نظريته تنص على أن جسم الإنسان أشبه بقضيب من الحديد يسري فيه المغناطيس، وأن الرأس والقدمين قطباه، وبما أن المغناطيس يمكن أن ينتقل من القضيب الممغنط إلى جسم آخر، كذلك ينتقل المغناطيس من شخص إلى آخر، وعلى الرغم من أن لجنة من العلماء أصدرت حكمها على “مسمر” بالشعوذة، فإن الأطباء النفسانيين بعد قرن من الزمان أخذوا بالتنويم المغناطيسي طريقةً للعلاج، وخصوصًا الهستيريين، بينما انصرف فرويد عنه، إذ رأى استحالة تنويم كل مريض، فضلًا عن عدم جدوى هذه الطريقة، فالمريض يتعود التنويم، ويفقد شخصيته، وتعود العلة بين حين وآخر إلى الظهور لأنها لا تزال موجودة كامنة في نفسه، ويذهب كلما اضطرب إلى الطبيب لتنويمه، لأنه لم يشف أصلًا، أي يُعد التنويم المغناطيسي أشبه بالمكيفات.

ويعتمد التنويم المغناطيسي على الصلة بين الطبيب القوى الإرادة صاحب السلطان، وبين المريض الضعيف الإرادة القليل الحيلة، واختلف العلماء في مدى التشابه بين التنويم المغناطيسي والنوم الطبيعي، فذهب بعضهم إلى أنه ليس بينهما فرق سوى هذا الأمر الخارجي، وذهب بعضهم الآخر إلى أنهما مختلفان، وذلك لانعقاد هذه الصلة بين المنوم والوسيط، وقد فسر الأستاذ “وِلْيَم مَكْدُوجَل | William McDougall” خضوع الوسيط لتأثير المنوم بأننا في اليقظة والنوم نخضع لإحساسات معينة نتيجة الانتباه أو الاختيار، وهذا يفسر عدم إحساسنا بما يدور حولنا ونحن أيقاظ عندما نكون مستغرقين في التفكير. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، هل يخضع الوسيط إلى المنوم تمامًا، لدرجة أن يستطيع المنوم أن يحمله على ارتكاب جريمة؟ والجواب هو لا، لأن الوسيط لا يفقد إرادته تمامًا، ولا تنمحي شخصيته، اللهم إلا إذا كان هذا الأمر موافقًا لطبع الوسيط وميوله.
الفكرة من كتاب النوم والأرق
النوم فطرة الإنسان، فما له أن يتوهم دوام اليقظة، فهذا من صفات الله -عز وجل- الذي لا شريك له في صفاته، فقد قال الله تعالى: ﴿اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾، فيجب ألا يتطلع الإنسان إلى التسامي إلى مراتب الألوهية، بل عليه أن يقنع بالفطرة التي فطره الله عليها، ولكن الإنسان كلما أمعن في الحضارة ابتدع ألوانًا من الحياة لا تلائم فطرته، فقد أصبح الناس يسهرون طوال الليل، ثم ينامون معظم النهار، وهو عكس ما أمرنا الله به في قوله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾، وهذا أدى إلى ظهور الأمراض المرتبطة بالنوم، منها مرض الأرق الذي يتناوله هذا الكتاب.
مؤلف كتاب النوم والأرق
أحمد فؤاد الأهواني: فيلسوف مصري، وأحد رواد الفلسفة وعلم النفس في العالم العربي، وُلِد في أكتوبر عام 1908م، وحصل على شهادة البكالوريوس في الآداب من جامعة القاهرة عام 1929م، وحصل على شهادة الدكتوراه عام 1942م، كما شغل منصب رئيس قسم الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة عام 1965م، وله مؤلفات عِدَّة، منها:
معاني الفلسفة.
في عالم الفلسفة.
الكندي: فيلسوف العرب.
فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط.