ما خلف الصناعة
ما خلف الصناعة
منذ عام 2014م تضاعفت مبيعات الأنمي بشكل غير مسبوق، وقد ساعد ذلك شركات البث الإلكتروني مثل نتفلكس وأمازون وغيرها، ووصلت مبيعات الأنمي في عام 2017م إلى ما يزيد على ثمانية عشر مليار وثلاثمئة مليون دولار أمريكي! ونتيجة لهذه السوق المتصاعدة، صارت اليابان تُنتج أكثر من مئتي مُسلسل أنمي خلال السنة.
ولكن خلف هذه الأرقام المُدهشة، هناك حقيقة مؤلمة؛ وهي ظروف العمل القاسية للعاملين في هذا المجال، وذلك من ناحية الأجور الضئيلة مُقارنة بالجهد المبذول، ومن ناحية عدد الساعات الذي يُشكّل ضغطًا مُستمرًّا، والذي قد يتسبب في الموت أحيانًا!
ففي عام 2012م انتحر أحد العاملين في إحدى الشركات لإنتاج الأنمي نتيجة ضغط العمل، الذي تجاوز ستمئة ساعة خلال الشهر، وغيرها من الحالات التي كانت نتيجة نفس السبب، أو حالات الإصابة باضطراب عصبي وغيرها من الأمراض، ولهذا يحاول قادة صناعة الأنمي تحليل الحالة وفهمها مخافة ألا تستمر الصناعة بهذا الحال.
وسبب هذه الضغوط هو الحرص على حفظ الحالة الاقتصادية لصناعة الأنمي، وذلك لأن الحالة الاقتصاديّة للأنمي تتمثّل في وفرة المُنتج مع كثرة العرض، ومن ثم فإنه كُلما زاد المنتج زاد الربح، فهذه الصناعة الثقافيّة صارت صناعة استهلاكيّة بصورة بحتة.
لهذا سعت الحكومة اليابانيّة لاتخاذ بعض الإجراءات للحفاظ على الإنتاج الياباني للأنمي، فوضعت بعض المعايير لتحسين ظروف العمل السيئة.
كما أن هناك خطرًا آخر يواجه صناعة الأنمي؛ وهو مواقع القرصنة الإلكترونية التي تعمل على نشر الأنمي دون ترخيص، وقد تسببت هذه المواقع في خسائر ضخمة جدًّا، لهذا قامت الحكومة اليابانية باتخاذ بعض الإجراءات لإغلاق هذه المواقع الكُبرى.
ولكن القانون لا يمكنه أن يغلق المواقع الأقل شهرة، كمواقع القرصنة العربية التي تكون خارج السيطرة اليابانيّة، ولكن اليابان لن تعمد لإغلاقها، فما السبب يا تُرى؟
الفكرة من كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
“الأنمي” هذه الرسوم المُتحركة اللطيفة، التي شكّلت جزءًا من ذكرياتنا الطفوليّة، هل تبدو جميعها بهذه البراءة التي عرفناها؟ أم أن الأمر مُختلف عن ما عرفناه من “سبيستون”؟
بلا شك؛ فالكثير من الأمور قد تغيّرت مع وجود شبكة الإنترنت وإتاحة أشكال “الأنمي” المختلفة، مما أدّى إلى انتشاره بشكل كبير بين أبناء العالم العربي، وهذا بدوره يستحق منّا الوقوف لفهم طبيعة هذا الاختراق الثقافي الجديد، وما سر انجذاب الكثير من المراهقين والشباب إليه.
ومن هنا يُقدّم لنا الكتاب دراسة تحليلية لظاهرة “الأنمي” من خلال فهم أصولها، وطبيعتها، وتأثيرها، وذلك لجعل المُربين وأولياء الأمور على قدر من الوعي بحقيقة الخطر الذي يحمله الأنمي للمجتمع العربي والإسلامي.
مؤلف كتاب الأنمي وأثره في الجيل العربي
حيدر محمد الكعبي: كاتب وباحث عراقي في المركز الإسلاميّ للدّراسات الاستراتيجيّة بالعراق، من مؤلفاته: الدراما التلفزيونية وأثرها في المجتمع.